بمقدار 9 دولارات للبرميل، صعدت أسعار خام برنت في الأيام التي أعقبت الهجوم الصاروخي الذي شنته إيران على إسرائيل مطلع أكتوبر الجاري، لتستقر الأسعار قرب 77 دولارا للبرميل.
وفي التعاملات المبكرة الإثنين، تراوح أسعار خام برنت عند متوسط 78 دولارا للبرميل، في وقت بدأت بنوك استثمار عالمية تعيد حساباتها بشأن توقعات أسعار الخام خلال الفترة المقبلة.
وتخشى أسواق الطاقة العالمية من هجوم إسرائيلي مرتقب على أهداف حيوية إيرانية، خاصة تلك المرتبطة بإنتاج النفط، خاصة وأن طهران عضو في منظمة "أوبك" وتنتج في اليوم متوسط 3.9 ملايين برميل في الظروف الطبيعية.
لكن وبسبب العقوبات الأمريكية التي أعيد فرضها على إيران اعتبارا من أغسطس/آب 2018، تراجع إنتاج البلاد النفطي الفعلي، ليسجل حاليا مستوى 3.3 ملايين برميل يوميا.
وبعد الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل مطلع أكتوبر، هددت تل أبيب بشن هجوم انتقامي "قوي للغاية" على إيران.
وقالت إسرائيل حينها، إن إيران أطلقت عليها نحو 180 صاروخا، في هجوم قالت طهران إنه "انتقام" لاغتيال كل من رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، والأمين العام لـ"حزب الله"، حسن نصر الله، والقائد بالحرس الثوري عباس نيلفروشان.
غولدمان ساكس
وتنقل شبكة CNBC الأمريكية عن دان سترويفن، الرئيس المشارك لأبحاث السلع العالمية في غولدمان ساكس، قوله: "إذا رأيت انخفاضا مستمرا بمقدار مليون برميل يوميا في الإنتاج الإيراني، فستشهد ذروة ارتفاع أسعار النفط العام المقبل بنحو 20 دولارا للبرميل“.
وكانت توقعات غولدمان ساكس تؤشر لبلوغ متوسط برميل برنت 76 دولارا في تقرير أصدره في أغسطس الماضي، بينما توقعاته الحديثة تشير إلى متوسط 96 دولارا للبرميل بحلول العام المقبل، في حال تراجع إنتاج طهران بمليون برميل يوميا.
ومنذ أحداث 7 أكتوبر، كانت هناك اضطرابات محدودة في سوق النفط العالمية، مع بقاء الأسعار تحت الضغط بسبب زيادة الإنتاج من الولايات المتحدة وتباطؤ الطلب من الصين.
إلا أن هذه التوترات الجيوسياسية لم تخلق أي هلع في أسواق الطاقة حتى موعد هجوم إيران على إسرائيل، وتهديدات تل أبيب بالرد.
ففي الأيام الأخيرة، دق مراقبو صناعة الطاقة التقليدية ناقوس الخطر، محذرين من تهديد حقيقي للإمدادات، خاصة وأن إيران تقع على أهم مضائق إمدادات النفط عالميا وهو مضيق هرمز.
واليوم، يخشى صناع الطاقة من استخدام إيران لمضيق هرمز كورقة ضغط في حال قيام إسرائيل أو حلفائها بصدارة الولايات المتحدة، بشن أية هجمات على منشآتها.
مضيق هرمز
ويعتبر مضيق هرمز ورقة ضغط إيرانية تلوح بها عند نشوب أية توترات مع الغرب، بصفته ممرا رئيسا لحركة غالبية النفط المنتج في دول الخليج العربي والعراق.
ويعود أبرز اضطرابات المضيق في مجال نقل النفط لعام 1984 في خضم الحرب الإيرانية العراقية، حين تم تدمير أو إلحاق ضرر بأكثر من 500 سفينة.
بينما في يوليو 1988، تحطمت طائرة تابعة للخطوط الإيرانية إثر إصابتها بصاروخين أطلقا من فرقاطة أمريكية في مضيق هرمز وقتل 290 شخصا حينها.
وفي 2019 أثارت هجمات غامضة على سفن في منطقة الخليج وإسقاط طائرة مسيرة واحتجاز ناقلات نفط، مخاوف من تصعيد بين طهران وواشنطن.
وخلال يوليو 2021 أدى هجوم على ناقلة نفط لشركة يملكها ملياردير إسرائيلي إلى مقتل شخصين بريطاني وروماني؛ فيما تظهر بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، أن متوسط تدفق النفط الخام والمشتقات بلغ 27 مليون برميل يوميا.
والدول التي يمر نفطها عبر مضيق هرمز: إيران، العراق، الإمارات، سلطنة عمان، الكويت، السعودية؛ إلا أن المملكة والإمارات تملكان خطوط أنابيب تمتد حتى البحر الأحمر غرب المملكة، وبحر عمان على التوالي، لتجاوز أية عراقيل قد تطرأ على مضيق هرمز.
وتدير شركة أرامكو السعودية خط أنابيب النفط الخام الذي تبلغ طاقته 5 ملايين برميل يوميا بين الشرق والغرب ووسعت مؤقتا سعة خط الأنابيب إلى 7 ملايين برميل يوميا في 2019، عندما حولت بعض خطوط أنابيب سوائل الغاز الطبيعي لقبول النفط الخام.
والأربعاء الماضي، نشرت وحدة BMI التابعة لـ Fitch Solutions مذكرة، قالت فيها إن أية فرضية لتوسع الصراع بين إسرائيل وإيران سينتج عنه ارتفاع سعر برميل النفط فوق 100 دولار.
وأشارت المذكرة إلى أن أية فرضية لغلق مضيق هرمز من جانب إيران، فإن أسعار النفط قد تصل إلى 150 دولارا للبرميل ”وربما أكثر من ذلك“.
إلا أن تصريحات سعودية وإماراتية متكررة، أشارت إلى أن تحالف أوبك+ يملك قدرة إضافية على زيادة إنتاج النفط، لتلبية أي طلب متزايد خلال الفترة المقبلة.
ويقوم التحالف المؤلف من 23 عضوا بصدارة السعودية وروسيا، بخفض إنتاج إلزامي للنفط بمقدار 5.8 ملايين برميل يوميا بدأ في نوفمبر 2022 ويستمر حتى نهاية 2025، إلى جانب خفض طوعي آخر لبعض الأعضاء بمقدار 2.2 مليون برميل يوميا، بدأ في يوليو 2023 وينتهي في نوفمبر المقبل.