أصدر باحثون من مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، ومؤسسة حمد الطبية، دراسة بحثية تسلط الضوء على ما مجموعه 60 من المتغيرات الجينية المسببة للأمراض المرتبطة بالقلب، وارتفاع مستوى الكوليسترول، وأنواع السرطان الأكثر شيوعا بين السكان المصابين بها في دولة قطر، بالإضافة إلى أمراض أخرى شملتها الدراسة.
نتائج الدراسة
وأظهرت الدراسة البحثية التي ركزت على نتائج المتغيرات الجينية القابلة للتدخل والتنفيذ، أن 2.3 في المائة من القطريين الذين تضمنتهم بيانات تسلسل الجينوم الكامل، يحملون عاملا ممرضا (أي عامل يسبب المرض)، أو على الأرجح يحملون عاملا ممرضا متغيرا محتملا في إحدى جيناتهم التي تم تصنيفها كجينات مؤهلة لإجراء التدخل الطبي.
وبينت الدراسة التي شملت 6045 مشاركا من قطر، ارتباط العديد من هذه الجينات بأنماط موروثة مرتبطة بالسرطان وأمراض القلب.
وتكمن أهمية هذا البحث في القدرة على تحديد المتغيرات الجينية القابلة للتدخل والتنفيذ، والتي تمهد لإجراء تدخلات طبية ذات صلة، مما يسهم في إنقاذ حياة الكثيرين، وهذا يعد عاملا رئيسيا في مساعدة المرضى وأفراد أسرهم، والأطباء على حد سواء، لتحديد أفضل التدخلات العلاجية الممكنة ووضع خطط المتابعة في مجال الطب الشخصي.
الطفرات الضارة
وقالت الدكتورة أمال الفاتح المؤلف الأول للدراسة البحثية من كلية العلوم الصحية والحيوية في جامعة حمد بن خليفة، عضو مؤسسة قطر: "لقد حددت هذه الدراسة الطفرات الضارة التي قد تسهم في بلورة توصيات طبية محددة، إن تنفيذ هذه التوصيات سيؤدي إلى تحسين الحالة الصحية للمشاركين بها، وذلك من خلال التدابير المتخذة لتجنب المرض أو إدارته بكفاءة وفاعلية".
وأوضحت أن الدراسة البحثية أظهرت أيضا الارتباط الوثيق بين البيانات الإكلينيكية السريرية والنمط الجيني، وذلك في مسألة تحديد الاختلافات الجينية الإضافية غير المسببة للأمراض، كما ناقشت إمكانية تحديد الطفرات الجينية الجديدة ذات الآثار السريرية المؤهلة لإجراء أي تدخل طبي بين السكان العرب.
قاد هذه الدراسة باحثون وعلماء من جامعة (حمد بن خليفة)، وبرنامج (قطر جينوم)، أعضاء في قطاع البحوث والتطوير والابتكار في مؤسسة قطر، إلى جانب علماء وباحثين في مؤسسة (حمد الطبية)، وتضم بيانات تسلسل الجينوم الكامل أكثر من 6000 قطري.
المتغيرات الجينية
وتعتبر هذه الدراسة بمثابة التحليل الأكبر والأكثر شمولا لدراسة المتغيرات الجينية المؤهلة لإجراء تدخلات طبية بين السكان العرب في منطقة الشرق الأوسط، مما يقلل الفجوة العلمية في هذا المجال، حيث أن معظم الدراسات السابقة كانت تفتقد لنقص في التمثيل على مستوى البيانات الجينية السكانية في المنطقة.
ونشرت الورقة البحثية على موقع مجلة (هيومن ميوتايشن) وسلط الضوء عليها، كأفضل خيار للمحررين في هذه المجلة العلمية الرائدة، كذلك تم تقديم هذه الدراسة في المؤتمر الأوروبي لعلم الوراثة البشرية الشهر الماضي.
من جهتها أكدت الدكتورة أسماء آل ثاني رئيس اللجنة الوطنية لبرنامج قطر جينوم، على أهمية هذه الدراسة البحثية.. وقالت: "هذا مثال متميز يوضح التأثير الناجع لاستخدام البيانات الجينية، نحن في صدد استكمال العديد من مجالات التعاون البحثي مع شركائنا، وقد صدرت نتائج هذه الدراسة في الوقت المناسب".
ومن ناحيته أعرب الدكتور حمدي مبارك المؤلف المشارك في الدراسة ومدير الشراكات البحثية في برنامج قطر جينوم، عضو مؤسسة قطر، عن سعادته لهذا التقدم البحثي، مبينا أن الدراسة تمثل أساسا لتطبيق الطب الدقيق في قطر والمنطقة ككل.