تحتفل سلطنة عمان الشقيقة غدا الخميس الموافق للثامن عشر من نوفمبر بعيدها الوطني الحادي والخمسين، متسلحة بالإرادة والعزيمة والثبات للمحافظة على مكتسبات ومنجزات الوطن وصونها بولاء راسخ لقائد مسيرتها جلالة السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان، الذي أكد منذ توليه مقاليد الحكم في الـ11 من يناير 2020 م، على سعيه لرفعة السلطنة وإعلاء شأنها والارتقاء بها إلى حياة أفضل.
ومن المؤكد أن دعوة جلالته، أبناء السلطنة للمشاركة الفاعلة وتقديم كل ما يسهم في إثراء جهود التطور والتقدم والنماء، يعد مبدأ من مبادئ نهضة عمان المتجددة، للوصول إلى غايتها الوطنية العليا، كي تظل عمان الغاية الأسمى في كل الجهود والمساعي، وهو ما ظهرت ملامحه على أرض الواقع من تحديث في التشريعات والقوانين وآليات وبرامج العمل بمختلف المجالات.
النظام الأساسي للدولة
وفي هذا السياق شهد مطلع العام الحالي، صدور النظام الأساسي للدولة وفقا لمرسوم سلطاني ليكون ركنا أساسيا لمواصلة الجهود وصياغة مستقبل أفضل لعمان والعمانيين، وقاعدة رصينة لنهضتهم المتجددة، ويضم النظام 98 مادة داعمة لمؤسسات الدولة، ويصون الوطن ويحافظ على أرضه ووحدته ونسيجه الاجتماعي ومقوماته الحضارية ويعزز الحقوق والواجبات والحريات العامة، ويرسخ آلية مستقرة لانتقال الحكم الذي سينعكس أثره إيجابا في عدد من الجوانب السياسية والاقتصادية، بالإضافة إلى تأكيده على مبدأ سيادة القانون واستقلال القضاء كأساس للحكم في الدولة وإلزامية التعليم حتى نهاية مرحلة التعليم الأساسي، وتأصيل المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب، وتشجيع الابتكار، وهو ما ينسجم مع رؤية عمان 2040م.
وقد نظمت المواد من 5 إلى 11 من النظام الأساسي للدولة آلية من تؤول إليه ولاية الحكم في سلطنة عمان بصورة أكثر وضوحا وأكثر سلاسة، كما استأثرت سلطنة عمان بتجربة خاصة بها في العمل الشورى والديمقراطي قام بنيانه على أسس ثابتة من واقع الحياة العمانية ومر بعدة مراحل وصولا إلى مجلس عمان بغرفتيه الدولة والشورى، وشهدت كل مرحلة من مراحله لبنات مختلفة من الأنظمة والقوانين بهدف ترسيخ منهج الشورى بما يلبي مصلحة سلطنة عمان ويستجيب لتطلعات العمانيين .
جائحة كورونا
وفيما يتعلق بجائحة كورونا وتبعاتها فقد اتخذت سلطنة عمان العديد من الخطوات والقرارات التي ضمنت بشكل كبير سلامة المواطنين والمقيمين على أرضها، مما أدى لتحسن مؤشرات الوضع الوبائي لفيروس كورونا في سلطنة عمان من حيث تسجيل انخفاض كبير في حالات الوفيات ومعدلات الإصابات ونسبة الشفاء التي بلغت 5 ر98 بالمائة تساندها حملة وطنية للتطعيم شملت أغلب فئات المجتمع من مواطنين ومقيمين بنسبة 83 بالمائة.
كما أولت حكومة السلطنة اهتماما بالآثار الاقتصادية التي أوجدتها الجائحة ،حيث اتخذت قرارات هدفت للتخفيف من آثار وتداعيات الجائحة على المؤسسات والشركات بمختلف مستوياتها، كما وضعت السلطنة خطة التوازن المالي متوسطة المدى (2020 2023)، وترأس جلالة السلطان هيثم بن طارق في أبريل الماضي، اجتماع اللجنة الرئيسة للبرنامج بهدف متابعة تنفيذه خلال عامه الثاني، لخفض الدين العام وضمان الاستدامة المالية، وبارك المبادرات التي تقدمت بها الجهات المعنية في إطار تطوير منظومة الحماية الاجتماعية وذلك في إطار متابعته للأوضاع المعيشية للمواطنين بما يضمن لهم استمرار مستوى العيش الكريم اللائق والتخفيف من تأثيرات هذه المرحلة التي تشهد تحديات مختلفة.
وفي ظل هذه الأوضاع انطلقت الخطة الخمسية العاشرة (2021 2025) هذا العام وهي الخطة التنفيذية الأولى للرؤية المستقبلية “عمان 2040″، التي تسعى لتحقيق عدد من الأهداف من بينها تحفيز النشاط الاقتصادي وتطوير بيئة الاقتصاد الكلي ورفع كفاءة إدارة المالية العامة، وتحقيق التوازن بين إجراءات ضبط وترشيد الإنفاق العام وتبني سياسات مالية توسعية منضبطة تحقق معدلات نمو مستدامة وتطوير البنية الأساسية اللازمة لتحفيز الاستثمار الخاص وتسريع وتيرة تنفيذ المشروعات الاستراتيجية الكبرى، ومشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص وجذب مزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر.
الاهتمام بالشباب
وفي سياق الاهتمام بالشباب العماني، خصصت السلطنة يوما للشباب يوافق الـ 26 من أكتوبر من كل عام، مما يعكس الاهتمام بهذه الفئة والإيمان بدورهم في التنمية، وقد أكد سلطان عمان خلال رئاسته اجتماع مجلس الوزراء العماني في أكتوبر الماضي، على أهمية إيجاد آليات وقنوات اتصـال مع الشباب للاستماع إلـى تطلعاتهم واحتياجاتهم، ودشنت وزارة الثقافة والرياضة والشباب العمانية البوابة الذكية التقنية لتصبح الوجهة الأولى للموهوبين والفنانين في شتى القطاعات، بهدف احتضان مواهب وإبداعات الشباب. وتم إطلاق مجموعة جديدة من المبادرات التشغيلية وذلك في إطار تنفيذ خطة توفير ما يزيد على (32) ألف فرصة عمل هذا العام، فضلا عن البرنامج الوطني للتشغيل الذي يهدف لإيجاد حلول مستدامة لتوفير وظائف في كافة قطاعات الدولة وشركات القطاع الخاص، وتحليل البيانات الخاصة بالباحثين عن عمل حتى دخولهم إلى سوق العمل.
ولقد حبا الله سلطنة عمان الشقيقة نعما شتى من بينها التآخي والتآزر والتلاحم، الذي ظهر جليا من خلال اللحمة الوطنية المساندة للجهود التي بذلتها حكومة جلالة السلطان هيثم بن طارق ممثلة في اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة للتعامل مع الآثار الناجمة عن الحالة المدارية “شاهين” في أكتوبر الماضي، بالإضافة إلى الاستجابة السريعة من جلالته حيث أمر بتشكيل لجنة وزارية لتقييم الأضرار التي تعرضت لها منازل المواطنين وممتلكاتهم بالمحافظات التي تأثرت مباشرة بمركز الحالة المدارية، بهدف توفير جميع أشكال الدعم والمساعدة اللازمة للتخفيف من حدة التأثيرات عليهم بأسرع وقت ممكن، كما أمر جلالته بإنشاء صندوق وطني للحالات الطارئة، بهدف التعامل مع ما خلفته هذه الحالة المدارية، وما قد يحدث مستقبلا من حالات أو كوارث طبيعية.
وتقدم حكومة السلطنة دعما كبيرا لقطاع العلم والتعليم بمختلف مستوياته، من خلال توفير البيئة الداعمة والمحفزة للبحث العلمي والابتكار وهو ما تجسد بتخصيص وزارة معنية بالتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار وإنشاء جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بفروعها في محافظات سلطنة عمان، ووضع الاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي والتطوير 2040 التي تتواكب مع رؤية عمان 2040.
المحافظة على البيئة
وتواصل سلطنة عمان في نهضتها المتجددة اهتمامها البالغ بكل ما يتعلق بالمحافظة على البيئة على المستويين المحلي والعالمي، حيث أصدر جلالة السلطان هيثم بن طارق مرسوما في أغسطس الماضي، بإنشاء محمية خور خرفوت الأثري بمحافظة ظفار لتضاف إلى المحميات الأخرى المتنوعة في سلطنة عمان، ليصبح عددها /21/ محمية، وهذا يؤكد اهتمام سلطنة عمان بالبيئة من خلال رصيدها في هذا المجال المهم.
وفي إطار السياسة لسلطنة عمان، تواصل السلطنة الالتزام بثوابتها ومبادئها الرئيسة، التي تتجسد بحسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، واحترام القوانين والأعراف الدولية، ودعم التعاون بين الدول وتعزيز فرص الحوار بينها، تعبيرا عن قناعتها بأن حل الخلافات بروح الوفاق والتسامح إنما هو سلوك حضاري يؤدي إلى نتائج أفضل وأدوم مما يمكن تحقيقه عن طريق الصراع. كما ظهر سعي سلطنة عمان الدؤوب للإسهام في خدمة قضايا السلام من خلال عدد من القضايا مثل تأييدها التطورات الإيجابية التي نتجت عن قمة العلا التي عقدت بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، ونجاح جهود المصالحة التي قادتها دولة الكويت الشقيقة وتأكيدها المتواصل في المحافل الدولية على عدالة القضية الفلسطينية ومطالب الشعب الفلسطيني، ومساعيها مع المملكة العربية السعودية الشقيقة والمبعوثين الأممي والأمريكي الخاصين باليمن والأطراف اليمنية المعنية للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة للأزمة القائمة في اليمن، بالإضافة إلى الملف النووي الإيراني، وإدانتها المستمرة للإرهاب بأشكاله كافة.
ولقد حظيت القوات المسلحة للسلطنة والأجهزة الأمنية والعسكرية الأخرى باهتمام من جلالة السلطان هيثم بن طارق لدورها الملموس والماثل للعيان في حماية السلطنة والذود عن حياضها، والدفاع عن مكتسباتها وعن كل شبر من ترابها.
ويستذكر العمانيون في هذه المناسبة مؤسس عمان الحديثة ونهضتها السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور /طيب الله ثراه/ في وجدان كل عماني وعمانية، لما بذله من صنيع حسن للسلطنة وشعبها على مدى 50 عاما.