تأسست اللجنة الاستراتيجية العليا المشتركة بين دولة قطر وجمهورية تركيا عام 2014، وتعقد اجتماعاتها كل عام بالتبادل بين البلدين، وبرئاسة مشتركة من قبل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وفخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية.
وتعتبر اللجنة آلية للتشاور حول العلاقات القطرية التركية، وتمثل أحد أهم مؤشرات العلاقات المتميزة والشراكة الاستراتيجية بين الدوحة وأنقرة، وتعد الأداة القطرية التركية لبحث سبل توطيد وتطوير علاقات التعاون بين البلدين وآفاق الارتقاء بها على مختلف الصعد، خصوصا في مجالات الاقتصاد والاستثمار والصناعة والدفاع والأمن والتنمية والاستثمار والثقافة، وصولا لتحقيق المصالح المشتركة للبلدين وشعبيهما الشقيقين.
اجتماعات اللجنة
وقد عقدت اللجنة منذ تأسيسها تسعة اجتماعات بالتبادل بين البلدين، فكان الأول في الدوحة عام 2015، والثاني بمدينة طرابزون التركية عام 2016، والثالث بالدوحة عام 2017، والرابع في إسطنبول عام 2018، والخامس بالدوحة عام 2019، والسادس في إسطنبول عام 2020، والسابع بالدوحة عام 2021، والثامن في إسطنبول عام 2022 والتاسع بالدوحة عام 2023.
ونتج عن تلك الاجتماعات إبرام أكثر من مئة وعشر اتفاقيات ومذكرات تفاهم لتطوير ودعم التعاون بين البلدين في العديد من المجالات، كما يجري خلال هذه الاجتماعات استعراض مسيرة التعاون بين البلدين وما وصلت إليه الشراكة الاستراتيجية بين الدوحة وأنقرة والفرص المتاحة لدفع هذه المسيرة إلى آفاق أرحب بما يخدم مصالح وتطلعات الدولتين وشعبيهما الشقيقين، كما يتم مناقشة قضايا الساعة الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وتنسيق مواقف البلدين تجاهها انتصارا للقضايا الإسلامية والإنسانية، وبما يخدم مصالح الشعوب الشقيقة والصديقة ويدعم السلام والأمن الدوليين.
الدورة الأولى
وشهدت الدورة الأولى للجنة والتي عقدت بالدوحة توقيع 16 اتفاقية في مجالات مختلفة تشمل قطاعات الأمن والمصارف والمال والتعليم والصحافة والبيئة والأرشفة والنقل والطاقة، والعلوم والتكنولوجيا، وعقدت الدورة الثانية للجنة في مدينة طرابزون التركية عام 2016، وتم خلالها توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم للتعاون في مجالات العمل الرقابي المحاسبي، والتعليم العالي، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ، والصحة والعلوم الطبية والشباب والرياضة، والثقافة، وتجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب المالي، والشؤون الجمركية، والزراعة، والمواصفات والمقاييس، وتنظيم المعارض، والاستثمارات في المناطق الحرة، والتعاون بمجال الدفاع.
وعقدت الدورة الثالثة للجنة في الدوحة عام 2017 ، وتم خلالها التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مجالات المساعدة القانونية المتبادلة في الشؤون الجنائية، والتعاون البحثي الجامعي، وأعمال المصارف المركزية، والسياحة، والتدريب القانوني والقضائي، والأرصاد الجوية، والموانئ ، وسلامة الأغذية، والمساعدات الإنسانية، والإعلام.
وعقدت الدورة الرابعة للجنة في إسطنبول عام 2018 ، وتم خلالها التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم للتعاون في مجالات الطيران المدني، والثقافة، والتدريب والدفاع، والتجارة والاقتصاد والتجارة الإلكترونية وجذب الاستثمارات.
أما الدورة الخامسة للجنة فقد عقدت بالدوحة عام 2019 ، وتم خلالها التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم للتعاون في مجالات تعديل اتفاقية تبادل العملات الثنائية، والتعاون الصناعي والتكنولوجي، والمالي، وترويج الاستثمار، والتخطيط المدني، كما تم توقيع إعلان نوايا مشترك لإنشاء مختبر لتسهيل التجارة وتعزيز حماية المستهلك بين الطرفين، ومذكرة تفاهم للتعاون بمجال المعايير بين هيئة الأشغال العامة القطرية ومعهد المعايير التركي.
وعقدت الدورة السادسة للجنة في إسطنبول عام 2020 ، وتم خلالها التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم للتعاون في مجالات، الاستثمار، والمناطق الحرة ، وإدارة المياه، كما تم التوقيع على إعلان مشترك لإنشاء اللجنة الاقتصادية والتجارية المشتركة بين البلدين، وتعزيز التعاون الاقتصادي والمالي، والتعاون بمجالات شؤون الأسرة والمرأة والخدمات الاجتماعية، وتبادل الدبلوماسيين.
وعقدت الدورة السابعة للجنة في الدوحة عام 2021 ، وتم خلالها التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم للتعاون في مجالات تنفيذ الفعاليات الكبرى، وإدارة الطوارئ والكوارث، والمراسم، وبرنامج الشراكة في المحتوى بين منتدى الدوحة ومنتدى أنطاليا الدبلوماسي، ومذكرة تفاهم بين بنك قطر للتنمية ومنظمة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة بتركيا، وفي مجال الشباب والرياضة، والصحة والعلوم الطبية، والأوقاف والشؤون الإسلامية، والتقييس، والثقافة، كما تم توقيع اتفاقية تفاهم بين رابطة رجال الأعمال القطريين وهيئة الاستثمار التركية.
وعقدت الدورة الثامنة للجنة الاستراتيجية العليا القطرية التركية في إسطنبول في أكتوبر عام 2022، وجرى خلالها التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم لتعزيز التعاون الاستراتيجي بين البلدين، في مجالي الإعلام والاتصال، والبنية التحتية للجودة الحلال ، وحماية حقوق الملكية الصناعية، والأمن الغذائي، وإدارة الكوارث والطوارئ والمساعدات الإنسانية، وأعمال الإنشاءات، وإنشاء وتسيير المراكز الثقافية وأنشطتها، وفي مجال المتاحف، والأرشيف الدبلوماسي، كما تم توقيع اتفاقية لإدراج وتضمين متبادل للأراضي في منطقة الخدمة الساتلية بين هيئة تنظيم الاتصالات في قطر وهيئة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تركيا.
أما الدورة التاسعة للجنة الاستراتيجية العليا القطرية التركية فقد عقدت في الدوحة في ديسمبر 2023، وتم خلالها توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم للتعاون بين البلدين في مجالات، المشاورات السياسية حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، والثقافة، والعمل، والعمل الخيري والإنساني، والتعليم العالي، والعسكري، والعلمي، والبحث العلمي، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والمالي، وترويج الاستثمار.
مذكرات تفاهم
لقد أسهمت الاجتماعات المنتظمة للجنة والاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي نجمت عنها في تعزيز العلاقات بين البلدين والارتقاء بها إلى مستويات استراتيجية متميزة، ويبرهن نمو حجم التجارة بين الطرفين على تطور العلاقات الثنائية بين البلدين، لا سيما في ظل وجود خطوط ملاحية مباشرة، مع وفرة في الاستثمارات المتبادلة، حيث تعتبر تركيا وجهة استثمارية مميزة للقطريين، كما تعتبر قطر أحد أكبر المستثمرين الأجانب في تركيا، ويدير جهاز قطر للاستثمار عددا من المشاريع الضخمة هناك، كما تعمل في السوق التركي حوالي مائتي شركة قطرية، وتنشط في السوق القطري أكثر من 771 شركة تركية، فضلا عن 15 شركة تركية تعمل بالمنطقة الحرة في قطر.
وقد سجل القطاع الخاص القطري في السنوات الأخيرة حضورا مشهودا في عدد من المجالات الاستثمارية التركية كالعقارات والمقاولات والسياحة والتصنيع والإعلام والتمويل والصحة، كما شهدت الفترة الأخيرة اتجاه الاستثمارات القطرية إلى مجال الموانئ، والقطاع التكنولوجي، وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 4.75 مليار ريال قطري عام 2023 منها 1.64 مليار ريال قيمة الصادرات القطرية و3.11 مليار ريال قيمة الواردات من تركيا، وتطمح الدولتان للارتقاء بالعلاقات التجارية ورفع حجم التبادل التجاري بينهما إلى 5 مليارات دولار على المدى المتوسط.
وتستضيف غرفة قطر بصورة متواصلة العديد من الوفود التركية، كما شاركت في عدد من الفعاليات الاقتصادية التركية المهمة، وقامت خلالها ببحث سبل تعزيز التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين، وتوصف العلاقات بين رجال الأعمال القطريين ونظرائهم الأتراك بأنها متميزة، حيث يشارك كل جانب في جميع الفعاليات والمعارض التي ينظمها الجانب الآخر، كما أن هناك استثمارات مشتركة لرجال الأعمال القطريين والأتراك في عدد من دول العالم.
ويعتبر استمرار انعقاد اللجنة الاستراتيجية العليا بين البلدين تأكيدا على متانة العلاقات التي تربط الدوحة مع أنقرة، والحرص المشترك لدى قيادتي البلدين على تطوير هذه العلاقات ورعاية مسيرة التعاون والشراكة القطرية التركية وتعزيز التحالف بينهما، كما حافظت الدولتان على موقفهما القوي ضد التحديات الإقليمية التي واجهتهما في السنوات الماضية، وتمكنتا من التغلب على الصعوبات من خلال العمل في تعاون وثيق، باعتبارهما دولتين صديقتين وشقيقتين، وهناك تنسيق متميز بين الدوحة وأنقرة إزاء كثير من الملفات الهامة في المنطقة، وتتبنى الدولتان رؤى مشتركة حيال العديد من القضايا الإقليمية والدولية، لا سيما الجهود الكبيرة للوساطة وحل النزاعات، وإحلال السلام والأمن والاستقرار في كافة أرجاء العالم.