نظمت إدارة البحوث والدراسات الإسلامية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ندوة بعنوان "الفروض الكفائية.. طريق الإصلاح"، بمشاركة نخبة من الأكاديميين بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة قطر، وذلك في إطار جهود الوزارة لإحياء مفهوم الفروض الكفائية وإشاعة ثقافتها كمدخل حضاري شامل.
وأكد المشاركون في الندوة أن الإصلاح الاقتصادي يمثل أحد أبرز الفروض الكفائية في مسار نهضة الأمة، منوهين بأن هذا الملف يشكل تهديدا وجوديا يتجاوز البعد الاقتصادي ليشمل مختلف مفاصل الحياة.
د. عبدالقادر جدي: الفرض الكفائي هو كل مهم يقصد حصوله دون النظر إلى الفاعل ذاته
وأوضح الدكتور عبدالقادر جدي أستاذ الفقه وأصوله بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة قطر أن الفرض الكفائي هو "كل مهم يقصد حصوله دون النظر إلى الفاعل ذاته"، مشيرا إلى أن الإصلاح الاقتصادي هو درء للفساد عن السياسات الاقتصادية، من خلال إعادة التوازن بين العرض والطلب داخليا وخارجيا عبر أدوات مالية مدروسة.
واستعرض الجهود التاريخية في مجال الإصلاح الاقتصادي، مبينا العلاقة الوثيقة بين الفروض الكفائية والتخطيط الاقتصادي، من حيث ارتباطها بالعلوم المالية والاستشراف والمؤسسات المالية.
من جانبه، أشار الأستاذ الدكتور صالح قادر الزنكي العميد المساعد للبحث والدراسات العليا في جامعة قطر، إلى أن ما تعانيه الأمة من تراجع حضاري واقتصادي وثقافي ليس قدرا حتميا، بل نتيجة لتخليها عن وظائفها الأساسية وفي مقدمتها الفروض الكفائية.
وبين أن الفروض الكفائية ليست فقط واجبا شرعيا، بل ضرورة حضارية تؤسس لاقتصاد متوازن ومستدام، يحقق التمكين ويعزز السيادة الاقتصادية ويعالج الإحباط وهجرة الكفاءات، من خلال تسخير العلوم والتخصصات الحديثة في سبيل عمارة الأرض وخدمة المجتمع.
وأكد أهمية الانتقال من الأداء الفردي إلى العمل الجماعي المؤسسي في أداء الفروض الكفائية، بما يتيح توزيع المهام وتدريب الكفاءات وتوفير التمويل وبناء أنظمة رقابة فعالة، معتبرا أن الإصلاح الاقتصادي لا يتحقق إلا عبر منظومة فكرية اجتماعية وإدارية متكاملة.
د.إبراهيم الأهدل: فرض الكفاية هو أمر كلي مطلوب جمعيا ويمثل مسؤولية تضامنية لا يجوز أن تضيع بالتواكل
وتناول الدكتور إبراهيم الأهدل الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، خلال مداخلة له، الفرق بين فرض العين وفرض الكفاية، موضحا أن فرض الكفاية هو أمر كلي مطلوب جمعيا، ويمثل مسؤولية تضامنية لا يجوز أن تضيع بالتواكل، وأكد أن الفرض الكفائي لا يسقط إلا بقيام بعض الأمة به وإلا تعين على الجميع.
ودعا المشاركون في الندوة إلى ضرورة تنظيم وتوجيه الفروض الكفائية الاقتصادية ودعمها بخطط تطبيقية واضحة، تشمل التكامل الاقتصادي بين الدول الإسلامية، وإنشاء أسواق مشتركة واستثمار عناصر الثروة البشرية والمادية، تحقيقا لأهداف الاستقلال الاقتصادي والرفاه ومواجهة الفقر والبطالة والتضخم.
وأشاروا إلى أن الإصلاح الاقتصادي في الإسلام ليس مجرد خيار تنموي، بل فريضة كفائية تستدعي تضافر الجهود وتفعيل الطاقات وتوجيه السياسات؛ لتحقيق نهضة شاملة ومستدامة تنطلق من قيم الدين وتستجيب لتحديات العصر.