أكد مسؤولون سوريون وخبراء اقتصاديون أن الدعم القطري لقطاع الطاقة في سوريا يخفف الأعباء المالية على الحكومة السورية ويحسن التغذية الكهربائية، ما ينعكس إيجابا على النشاط الصناعي والتجاري في البلاد، ويدعم استقرار الشبكة الكهربائية، ويسهم في خفض الاعتماد على المولدات الخاصة.
وفي هذا السياق، قال الدكتور أسامة قاضي، المستشار الاقتصادي الأول لوزارة الاقتصاد والصناعة في سوريا، إن الغاز الأذربيجاني الذي سيتم ضخه عبر مدينة كلس التركية سيرفع حجم إنتاج الطاقة الكهربائية بنحو ألف ميجاواط، وهو ما تحتاجه سوريا في المرحلة الحالية، خاصة لقطاع الكهرباء والماء.
خفض تكاليف الطاقة
وأوضح الدكتور قاضي، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، أن هذا الدعم سيسهم في تخفيض تكلفة الطاقة الكهربائية على الصناعيين والمنازل، ورفع قدرة الإنتاج الصناعي والزراعي في سوريا، وأن عدد ساعات تشغيل الكهرباء ستزداد أربع أو خمس ساعات يوميا، مما يخفف معاناة المواطنين.
د. أسامة القاضي: قطر دعمت قطاع الكهرباء مسبقا بضخ الغاز لتوليد 400 ميجاواط من الكهرباء
وأشاد قاضي بالدعم القطري المستمر، لافتا إلى أن قطر دعمت قطاع الكهرباء مسبقا بضخ الغاز لتوليد 400 ميجاواط من الكهرباء، إضافة إلى دعم السعودية التي وقعت عقدا مع وزارة الطاقة السورية لتخفيف معاناة المواطنين وربط شبكات الكهرباء بين البلدين، مؤكدا أن هذا التعاون الإقليمي سيعزز الاقتصاد السوري ويدعم الاستثمار ويهيئ المناخ الملائم للشركات السورية والعربية والعالمية للقدوم إلى سوريا.
من جانبه، أوضح المهندس خالد أبو دي مدير المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء بسوريا، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، أن التحديات الفنية لاستقبال وتوزيع 800 ميجاواط إضافية تتوزع بين قدرة محطات التوليد والبنية التحتية لشبكتي النقل والتوزيع، وأن التحدي الأساسي يكمن في تأمين ضغط الغاز اللازم لنقله من الشمال إلى محطات التوليد في الوسط والجنوب، التي تمتلك كفاءة تشغيلية عالية وتبلغ استطاعتها الإجمالية حوالي 4000 ميجاواط، بينما ينتج منها حاليا نحو 1000 ميجاواط بالاعتماد على الغاز المحلي.
أعمال تأهيل شاملة
وأشار إلى أن شبكة النقل والتوزيع في سوريا مؤهلة حاليا لاستيعاب هذه الكمية، وذلك بعد تنفيذ أعمال تأهيل شاملة لخطوط النقل ذات الجهد العالي 400 و230 ك. ف، ما رفع القدرة الاستيعابية لشبكة النقل إلى نحو 7000 ميجاواط، كما تمت إعادة تأهيل شبكات التوزيع ومراكز التحويل في المناطق التي شهدت عودة النازحين، مما يعزز قدرة الشبكة على استيعاب وتوزيع كميات إضافية من الطاقة دون اختناقات فنية.
وبين أن المرحلة الأولى من المشروع اعتمدت على توريد الغاز عبر الأردن إلى محطات التوليد في الجنوب، ما ساهم في تحسين التغذية الكهربائية وتقليل ساعات التقنين، أما المرحلة الثانية فتعتمد على ضخ الغاز عبر تركيا إلى شبكة نقل الغاز السورية، مع بدء استقبال الإمدادات من محطة توليد حلب، التي تعمل حاليا على الفيول.
م. خالد أبو دي: الورش الفنية تعمل على تأمين ضغط الغاز اللازم لتمكين وصوله إلى محطات التوليد ذات الكفاءة الأعلى في الوسط والجنوب
وأضاف أن الورش الفنية تعمل مع الجانب التركي لتأمين ضغط الغاز اللازم لتمكين وصوله إلى محطات التوليد ذات الكفاءة الأعلى في الوسط والجنوب، ما يُتوقع أن يزيد ساعات التغذية من 8 - 10 ساعات يوميا عند استثمار الغاز بالشكل الأمثل.
ولفت إلى أن استدامة هذه الإمدادات تعتمد على اتفاقيات ثنائية ومتعددة الأطراف ضمن إطار تعاون استراتيجي إقليمي، مع جهود متواصلة من الحكومة السورية لضمان استقرار وموثوقية تدفق الغاز على المدى المتوسط والطويل، والبحث في بدائل وخيارات مرنة لضمان استدامة الإمداد في مختلف الظروف.
تقليص الحاجة للمولدات
كما أشار إلى أن المشروع سيقلل الاعتماد على المولدات الخاصة المنتشرة في مختلف المناطق السورية، والتي تُعد ذات تكلفة عالية على المواطنين وتسبب أضرارا بيئية وضجيجا، ومع تحسن التغذية الكهربائية ستتراجع الحاجة لاستخدام هذه المولدات، مما يخفف الأعباء الاقتصادية على الأسر السورية، كما أن استخدام الغاز كمصدر طاقة أنظف سيسهم في تقليل الانبعاثات وتحسين جودة الهواء، ما يعزز الاستدامة البيئية والاقتصادية في الوقت نفسه.
من جانبه، أكد الدكتور حسن غرة، الباحث الاقتصادي في مركز جسور للدراسات، أن الدعم القطري البالغ 760 مليون دولار في قطاع الكهرباء خطوة استراتيجية مهمة لتخفيف الأعباء المالية عن الحكومة السورية، في ظل عجز كهربائي يصل إلى 80% من الاحتياجات الفعلية، وأوضح أن سوريا تحتاج إلى استثمارات تقدر بحوالي 40 مليار دولار لإعادة بناء قطاع الكهرباء بالكامل.
د. حسن غرة: زيادة الطاقة الكهربائية بواقع 800 ميجاواط في المرحلة الثانية سترفع ساعات التشغيل إلى 5 ساعات يوميا
وأشار إلى أن زيادة الطاقة الكهربائية بواقع 800 ميجاواط في المرحلة الثانية سترفع ساعات التشغيل إلى 5 ساعات يوميا، وهو تحسن بنسبة 40% لأكثر من 5 ملايين مشترك، ما يدعم الاستدامة في المناطق التجارية والمصانع. ولفت إلى أن المرحلة الأولى نجحت في رفع ساعات التشغيل بالمناطق الحيوية من 16 إلى 24 ساعة يوميا.
وقال في تصريح مماثل لـ"قنا" إن هذا الدعم سيخفض بشكل كبير اعتماد القطاعات الاقتصادية والمواطنين على المولدات الخاصة التي تكلف المشتركين مبالغ باهظة، حيث يصل سعر الأمبير الواحد للمولدات التجارية إلى 140 ألف ليرة سورية شهريا.
وأوضح أن المشروع سيساهم في إنعاش القطاعات الاقتصادية، خصوصا في المناطق المتضررة من تدمير البنية التحتية، من خلال توزيع الكهرباء بدءا من محطة حلب، مما يسمح بعودة النشاط الصناعي والزراعي بكفاءة أكبر، واعتبر أن هذا المشروع نقطة تحول حقيقية في مسيرة إعادة إعمار سوريا وتعافي اقتصادها، مع توقعات بتحسن ملحوظ في مستوى المعيشة والنشاط الاقتصادي خلال العامين المقبلين.
منحة قطرية كبيرة
واعتبر أن هذه المنحة القطرية هي الأكبر في قطاع الطاقة، وتأتي ضمن خطة شاملة تقدر قيمتها بـ7 مليارات دولار لإضافة نحو 5000 ميجاواط إلى الشبكة الكهربائية السورية، مؤكدا أن هذا الدعم سيلعب دورا محوريا في تحفيز النمو الاقتصادي عبر تعزيز بيئة الاستثمار وجذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية، ما يفتح آفاقا جديدة لتنشيط القطاعات الإنتاجية.
كما أشار إلى أن ضخ هذا الحجم من الكهرباء سيخلق فرص عمل مهمة في مجالات التشغيل والصيانة، ما يدعم جهود الحكومة في تقليل معدلات البطالة وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين السوريين.
سوريا تواجه تحديات في استقبال وتوزيع 800 ميجاواط إضافية بسبب الأضرار التي لحقت بشبكة الكهرباء خلال النزاع
ومن الناحية الفنية، لفت إلى أن سوريا تواجه تحديات في استقبال وتوزيع 800 ميجاواط إضافية بسبب الأضرار التي لحقت بشبكة الكهرباء خلال النزاع، حيث يحتاج جزء كبير منها إلى إصلاحات بتكلفة مرتفعة.
وأشار إلى أن الحكومة، بدعم من البنك الدولي تعمل على إعادة تأهيل خطوط النقل وتطبيق نظام "الجزر المعزولة" لتغذية حلب بالكهرباء المستوردة من تركيا، ما يسمح بتوجيه الإنتاج المحلي لدعم محافظات أخرى.
توسيع الدعم للمواطنين
وأوضح أن المرحلة الثانية من المشروع، بزيادة 800 ميجاواط، ستوسع تأثير الدعم ليشمل أكثر من خمسة ملايين مشترك، بعد أن ساهمت المرحلة الأولى بـ400 ميجاواط في استقرار الشبكة ودعم الصناعة.
ولفت إلى أن المشروع يمر عبر أذربيجان وتركيا، ويتطلب تنسيقا إقليميا مستمرا لضمان استدامة الإمدادات، معتبرا هذه الشراكة نموذجا للتعاون الإقليمي في مجال الطاقة.
وكانت دولة قطر قد أعلنت عن بدء المرحلة الثانية من دعم قطاع الكهرباء في سوريا بطاقة 800 ميجاواط، بالتعاون بين صندوق قطر للتنمية ووزارة الطاقة السورية، وتنطلق الإمدادات في الثاني من أغسطس، مرورا بأذربيجان وتركيا، وصولا إلى محطة توليد حلب، ليتم بعدها توزيع الكهرباء على مختلف المناطق السورية.
ويهدف الدعم إلى رفع ساعات تشغيل الكهرباء إلى خمس ساعات يوميا، وتحسين تغذية أكثر من خمسة ملايين مشترك بنسبة 40%، وكانت المرحلة الأولى من المشروع قد نفذت بطاقة 400 ميجاواط، وأسهمت في استقرار الشبكة وزيادة ساعات التشغيل.