سلطت جلسة عامة ضمن أعمال القمة العالمية الوزارية السادسة للصحة النفسية التي تستضيفها دولة قطر، الضوء على تجارب إقليمية ناجحة في تطوير خدمات الصحة النفسية، في وقت تواجه فيه منطقة شرق المتوسط تحديات متزايدة جراء النزاعات والأزمات الإنسانية.
وأكدت الدكتورة حنان بلخي المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، أن الإقليم الذي يضم 22 دولة ويقطنه أكثر من 750 مليون نسمة، يشهد أكبر عدد من النزاعات المسلحة والنزوح، مع وجود نحو 110 ملايين شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية، في حين ينحدر 57 بالمئة من لاجئي العالم منه.
احتياجات متزايدة
وأوضحت أن أكثر من 28 مليون شخص بحاجة إلى خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي، وأن معدل العاملين في الصحة النفسية يبلغ 4.7 لكل مئة ألف نسمة مقارنة بمتوسط عالمي قدره 13.5.
وأضافت أن تسعة بلدان في الإقليم مصنفة ضمن الدول الهشة أو المتأثرة بالنزاعات، مشيرة إلى أن الاعتداءات على المرافق الصحية بلغت مستويات غير مسبوقة.
وأكدت أن نسب الإصابة بالاضطرابات النفسية مرتفعة، إذ يعيش واحد من كل ستة أشخاص مع حالة نفسية يمكن الوقاية منها، بينما لا تتماشى سوى 62 بالمئة من السياسات الصحية الوطنية مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.
ولفتت إلى مؤشرات إيجابية، من أبرزها انخفاض معدل الانتحار في الإقليم بنسبة 30 بالمئة منذ عام 2000، وارتفاع عدد الدول التي اعتمدت خططا وطنية للصحة النفسية من 78 بالمئة عام 2017 إلى 81 بالمئة في عام 2024، مع توسع دمج هذه الخدمات في الرعاية الأولية.
وفي السياق ذاته، استعرضت الدكتورة سازغار حمد، استشاري الطب النفسي بمؤسسة حمد الطبية، تجربة دولة قطر في إطلاق الخط الوطني للصحة النفسية خلال جائحة "كوفيد-19"، الذي يتلقى نحو 15 ألف مكالمة سنويا، ويتيح خدمات متعددة اللغات للفئات من 13 إلى 65 عاما، مع تركيز خاص على النساء ومتعاطي المواد المخدرة.
وأكدت أن الخط أسهم في خفض الحاجة لزيارة الطوارئ وتقليل إعادة الدخول إلى المستشفيات.
خدمات مجتمعية
من جانبه، أوضح سعادة الدكتور مختار أحمد مالك وزير الصحة في جمهورية باكستان الإسلامية أن بلاده أدرجت لأول مرة خدمات الصحة النفسية والإدمان ضمن الحزمة الوطنية الأساسية للرعاية الصحية، وبدأت في تنفيذها على المستويين الوطني ودون الوطني.
وأشار إلى تدريب العاملين الصحيين على التعرف على الاضطرابات النفسية والتدخل المبكر، إلى جانب برامج مدرسية للكشف المبكر مثل مشروع "Helping Adolescents Thrive".
كما استعرض سعادة الدكتور علي رضا رئيسي نائب وزير الصحة العامة في إيران، تجربة بلاده في تطبيق برنامج "سراج" للصحة النفسية والاجتماعية، الهادف إلى دمج هذه الخدمات في الرعاية الأولية، وإنشاء مراكز للصحة النفسية المجتمعية.
وأوضح أن إيران أنشأت أكثر من 100 مركز حتى عام 2025، مع خطة للتوسع إلى 300 مركز على مستوى الدولة.
وضمن أعمال القمة العالمية الوزارية للصحة النفسية، عقدت جلسة رفيعة المستوى بمشاركة الوزراء ورؤساء المنظمات الدولية، ناقشت آليات ترجمة مخرجات القمة وورشها الست إلى سياسات قابلة للتنفيذ، ركزت على ستة محاور رئيسية هي: التحول الرقمي، تعاطي المواد المخدرة، وصول الخدمات، صحة الأطفال والمراهقين النفسية، الدعم في الأزمات، ومكافحة الوصمة.
وشهدت الجلسة تبادل الخبرات والتجارب الوطنية، والتأكيد على أهمية بناء شراكات بين الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني لضمان استدامة التدخلات، بما يسهم في ترسيخ دور قمة الدوحة كمنصة عالمية لتعزيز الصحة النفسية وبناء أنظمة أكثر صمودا واستجابة للتحديات المستقبلية.