تواصلت لليوم الثاني، فعاليات ملتقى خطة المشتريات الحكومية لعام 2026، الذي تنظمه وزارة المالية بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية بالدولة، تحت شعار "رؤية واحدة.. فرص متعددة"، بعقد عدد من الجلسات الحوارية وورش العمل والعروض التقديمية.
ففي جلسة حوارية حملت عنوان "دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة" أجري نقاش معمق تناول سبل تمكين هذا القطاع الحيوي من المنافسة بفعالية في المناقصات الحكومية، ودوره المحوري في دعم التنويع الاقتصادي وتعزيز مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي.
دعم التنافسية
وأكدت الجلسة التي شارك فيها كل من السيد نايف الحبابي مدير إدارة تنظيم المشتريات الحكومية بوزارة المالية، والدكتور حمد سالم مجيغير المدير التنفيذي لتنمية الشركات الصغيرة والمتوسطة في بنك قطر للتنمية، والسيد علي أحمد المولوي مدير إدارة تنمية الأعمال في وزارة التجارة والصناعة، أهمية تعزيز تنافسية هذه الشركات في المشتريات الحكومية.
كما تناولت الجلسة، الإطار القانوني لتعريف الشركات الصغيرة والمتوسطة، بفئاتها الثلاث: متناهية الصغر، الصغيرة، والمتوسطة، حيث يهدف هذا التصنيف إلى فتح المجال أمام الجهات الحكومية لتقديم أنواع متعددة من الدعم والحوافز، سواء كانت مالية أو غير مالية، تشمل الإعفاءات الضريبية والجمركية وتسهيلات التمويل.
وأشار المشاركون ضمن الجلسة إلى إعادة هيكلة شاملة لنظام تصنيف الشركات التي تتقدم للمناقصات، بما يضمن العدالة والشفافية في المنافسة، وأن التصنيف الجديد يربط بين النشاط التجاري للشركة وسقفها المالي، بحيث يتم تحديد الفئة التي يحق لها التنافس ضمن حدود مالية معينة.
وبينوا أن هذا الإجراء يسهم في حماية الشركات الصغيرة والمتوسطة من المنافسة غير العادلة مع الشركات الكبرى، إذ ستخصص مناقصات محددة لهذه الفئة لضمان حصولها على فرص عادلة للنمو، وذلك في الوقت الذي يتم فيه العمل حاليا على تطبيق نظام إلكتروني موحد لتصنيف الموردين، مما يتيح تتبع أدائهم وضمان التزامهم بالمعايير المطلوبة.
دعم النمو
وفي حديثهم عن الأرقام، أوضح المشاركون أن الشركات الصغيرة والمتوسطة تمثل أكثر من 92% من إجمالي عدد الشركات المسجلة في دولة قطر، غير أن مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي ما زالت دون مستوى الطموح مقارنة بالدول المتقدمة التي تصل فيها هذه النسبة إلى نحو 60% من الناتج المحلي.
وأضافوا أن الحكومة تعمل من خلال استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة على رفع مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي عبر توسيع المشاركة في المشتريات الحكومية وتقديم حوافز إضافية في قطاعات محددة ذات أولوية.
وفي ختام الجلسة، أجمع المشاركون على أن تحديث التعاريف، وتوسيع الإعفاءات، ودعم التحول الرقمي، تشكل مجتمعة ركيزة أساسية لتمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة من المنافسة بفعالية في السوق المحلي. وأكدوا أن العمل جار على إعداد قانون يلزم الجهات الحكومية بتخصيص نسبة من المشتريات لهذه الفئة، ما سيشكل دفعة قوية نحو تحقيق التوازن في المنافسة وتعزيز القيمة المحلية المضافة.
كما أكدوا أن رؤية قطر في تنمية هذا القطاع تتسق مع أهدافها الاستراتيجية الرامية إلى بناء اقتصاد متنوع قائم على المعرفة والابتكار، وأن دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة ليس خيارا، بل ضرورة وطنية لضمان استدامة النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة وتحقيق شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص.
تحفيز الاستثمار
أما الجلسة الحوارية الثانية ضمن ملتقى المشتريات الحكومية لعام 2026، فقد ناقشت سبل تعزيز القيمة المحلية وجذب الاستثمارات، وذلك بمشاركة كل من السيدة أمينة التميمي مدير مشروع القيمة المحلية بوزارة المالية، والسيد عيسى الكبيسي الاستشاري بوزارة المالية.
وقد استهلت الجلسة بالتأكيد على الدور المحوري لسياسات المشتريات الحكومية في دعم المشاريع الوطنية وتحفيز مشاركة القطاع الخاص لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية. وأوضحت أن برنامج القيمة المحلية الذي أطلق عام 2022 يمثل نقلة نوعية في تعزيز المحتوى المحلي، حيث أصبح إلزاميا على الجهات الحكومية إدراج متطلبات القيمة المحلية في جميع المناقصات، بما يمنح الشركات التي تساهم في الاقتصاد القطري أفضلية في الترسية.
وفي سياق جذب الاستثمارات، بينت الجلسة الحوارية، أن ربط العقود الحكومية بالمحتوى المحلي يفتح المجال أمام الشركات الأجنبية لتأسيس شراكات محلية أو التصنيع داخل الدولة للاستفادة من هذه الأفضلية، مما يعزز البيئة الاستثمارية الجاذبة.
وأشار المتحدثون خلال الجلسة إلى أنه اعتبارا من يوليو 2026 سيكون الحصول على شهادة القيمة المحلية شرطا أساسيا لمشاركة الشركات في المناقصات الحكومية، حيث إن إصدار هذه الشهادات سيتم عبر بوابة خاصة بالتعاون مع برنامج التوطين في قطر للطاقة.
دعم الصناعة
وفيما يتعلق بالتشريعات المستقبلية، كشفت الجلسة عن وجود مراجعة شاملة للضوابط قبل نهاية العام الجاري، تتضمن قوائم إلزامية للمنتجات الوطنية التي يجب على الجهات الحكومية الالتزام بها، بما يضمن دعم الصناعة المحلية وتوسيع قاعدة الموردين.
وقد شهدت الجلستان تفاعلا من الحضور، حيث طرحت أسئلة حول عدد من المحاور التي تناولها المتحدثون خلال الجلستين، بما في ذلك آلية الحصول على شهادة القيمة المحلية والتحديات التي تواجه الشركات في استيفاء الاشتراطات.
وكانت العروض التقديمية ضمن الملتقى قد شهدت اليوم، تقديم كل من وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والقطاع الصحي ممثلا في (وزارة الصحة العامة ومؤسسة الرعاية الصحية الأولية ومؤسسة حمد الطبية ومركز نوفل للتأهيل)، عروضا موسعة لخططها ومشاريعها للعام 2026، وذلك في إطار الجهود الوطنية لتعزيز الشفافية وتبادل المعرفة بين القطاعين العام والخاص، ودعم تنافسية الاقتصاد الوطني، لتنضم إلى عدد من الجهات الأخرى مثل وزارة البلدية وهيئة الأشغال العامة "أشغال"، التي استعرض ممثلوها أبرز المشاريع المقرر تنفيذها خلال عام 2026 ضمن خطة المشتريات الحكومية.
يذكر أن ملتقى خطة المشتريات الحكومية لعام 2026 الذي تنظمه وزارة المالية بالتعاون مع بنك قطر للتنمية وعدد من الشركاء الاستراتيجيين، بمشاركة واسعة من الجهات الحكومية والقطاع الخاص، شهد كذلك تنظيم عدد من ورش العمل التي تطرقت إلى آفاق التعاون بين القطاعين العام والخاص، ودور المشتريات الحكومية في دعم الكفاءة والاستدامة والنمو، ضمن منظومة اقتصادية متكاملة تسعى لترسيخ حوكمة الإنفاق العام وتعزيز مشاركة الشركات الوطنية في تنفيذ المشاريع الحكومية.
ويأتي هذا الحدث ضمن توجه دولة قطر نحو تعزيز الشفافية في منظومة المشتريات، وتفعيل الدور التنموي للقطاع الخاص، وتمكين رواد الأعمال من المساهمة الفاعلة في مسيرة البناء والتنمية، تحقيقا لتطلعات رؤية قطر الوطنية 2030.
وتعد النسخة الحالية هي الثالثة من الملتقى الذي بات منصة استراتيجية وطنية تتيح للجهات الحكومية عرض خططها الشرائية المستقبلية، وتوفر للقطاع الخاص فرصة الاطلاع المسبق على المشاريع القادمة والتخطيط للمشاركة فيها، بما يسهم في بناء منظومة مشتريات عصرية تدعم التنويع الاقتصادي.