أكدت سعادة السيدة ساني جران لاسونين وزيرة الشؤون الاجتماعية والصحة بجمهورية فنلندا، أن انعقاد مؤتمر القمة العالمي الثاني للتنمية الاجتماعية يأتي في مرحلة حرجة يواجه فيها العالم تحديات غير مسبوقة ومعقدة ومترابطة.
وشددت في حوار مع وكالة الأنباء القطرية "قنا" على أن فنلندا تحمل رسالة قوية وواضحة تؤكد التزامها بالتقدم الاجتماعي والمساواة، مشيرة إلى أن التنمية الاجتماعية يجب أن تكون في صميم العمل العالمي لضمان عدم تخلف أحد عن الركب.
ساني لاسونين: فنلندا تؤمن بالنموذج الإسكندنافي للرفاه
وأوضحت سعادتها، أن فنلندا تؤمن بالنموذج الإسكندنافي للرفاه، وتشارك خبراتها في مجالات الابتكار الاجتماعي والسياسات الشاملة، مؤكدة أن فنلندا تدعو إلى تعزيز نظم الحماية الاجتماعية، والعمل اللائق، وتكافؤ الفرص للجميع، مع الالتزام بمبادئ التعاون الدولي والحكم الرشيد والتنمية المستدامة.
علاقات قوية
ونوهت سعادتها، بقوة العلاقات بين فنلندا وقطر والتي تشهد نموا مطردا في مجالي الشؤون الاجتماعية والصحة، استنادا إلى القيم المشتركة المتمثلة في كرامة الإنسان ورفاهيته.
وقالت إن كلا البلدين يعطيان أولوية للسياسات الاجتماعية الشاملة والرعاية الصحية عالية الجودة والتنمية المستدامة، حيث تساهم فنلندا بخبراتها في الابتكار الاجتماعي والمساواة، بينما تلعب قطر دورا محوريا من خلال استثماراتها الكبرى في البنية التحتية الصحية ومبادرات التنمية الاجتماعية، مما يخلق فرصا لتبادل المعرفة والتعاون في مجالات التعليم والصحة العامة والحماية الاجتماعية.
فنلندا تمتلك خبرات واسعة يمكن مشاركتها في مجالات الابتكار الاجتماعي والمساواة
وأشارت إلى أن فنلندا، بصفتها رائدة في مجالات الرفاه الاجتماعي والإنساني، تمتلك خبرات واسعة يمكن مشاركتها في مجالات الابتكار الاجتماعي والمساواة بين الجنسين والرعاية الصحية والتعليم واقتصاد الرفاه حيث تنبع هذه الخبرة من تقاليد طويلة في السياسات التقدمية والتنمية المستدامة والممارسات الناجحة في الضمان الاجتماعي وتكافؤ الفرص، مؤكدة أهمية الحوكمة الشفافة والتعاون الدولي لمواجهة التحديات المستجدة وتحقيق التقدم للجميع.
كما أشادت سعادتها، بالتقدم الملحوظ الذي حققته دولة قطر في مجالات الرعاية الصحية والشؤون الاجتماعية وحماية الأسرة.. وقالت إن استثمارات قطر في البنية التحتية الصحية المتقدمة والخدمات المتميزة عززت الصحة العامة وحسنت الوصول إلى الرعاية عالية الجودة، ومن خلال تبني سياسات شاملة تركز على حقوق الإنسان وحماية الفئات الضعيفة، أظهرت قطر التزاما عميقا بالتنمية الاجتماعية.
مكانة رائدة
ولفتت إلى أن استضافة الدوحة للقمة تمثل دليلا واضحا على هذا الالتزام، وترسخ مكانة قطر كدولة رائدة في صياغة أجندة التنمية الاجتماعية العالمية، مشيرة إلى أن اجتماعها الثنائي مع سعادة الدكتور علي بن صميخ المري وزير العمل بحث فرص تعزيز التعاون في مجالات الصحة والسلامة المهنية.
وأوضحت سعادتها، أن نموذج دولة الرفاه في فنلندا يقوم على سياسات تعزز المساواة والرفاه، وتكفل الوصول إلى الخدمات الاجتماعية والصحية كحق دستوري للجميع ومن خلال التعليم المجاني، والرعاية الصحية الشاملة، والاستثمار في الأسر، ونظام الضمان الاجتماعي القوي، تقدم فنلندا نموذجا يركز على الوقاية والتدخل المبكر، بما يقدم دروسا قيمة للدول الساعية إلى تعزيز رفاه الإنسان، وأكدت أن الرفاه العام استثمار في الإنسان وفي القدرة على الصمود على المدى الطويل.
التنمية الاجتماعية والاستدامة الاقتصادية مرتبطتان ارتباطا وثيقا في بناء المجتمعات الحديثة
وأضافت أن التنمية الاجتماعية والاستدامة الاقتصادية مرتبطتان ارتباطا وثيقا في بناء المجتمعات الحديثة، حيث إن الاستثمار في التعليم والرعاية الصحية والإدماج الاجتماعي لا يحسن جودة الحياة فحسب، بل يقوي أيضا أسس الاقتصاد المستدام، وفي المقابل، توفر الأنظمة الاقتصادية المستدامة الموارد اللازمة للحفاظ على هذه البرامج الاجتماعية إذ أن زيادة الاستثمار في المساواة والعمل اللائق والضمان الاجتماعي يقلل الفقر والإقصاء ويعزز القدرة على التكيف، ويدعم الابتكار.
وحول التحديات التي تواجه نظم الحماية الاجتماعية في أوروبا، أشارت سعادة السيدة ساني جران لاسونين وزيرة الشؤون الاجتماعية والصحة بجمهورية فنلندا، إلى قضايا مثل الشيخوخة السكانية، وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، والتحولات في سوق العمل، والضغوط الاقتصادية.
تحديات متعددة
وقالت إن فنلندا تتعامل مع هذه التحديات من خلال التركيز على الوقاية، والتحول الرقمي، والكفاءة في تقديم الخدمات، إلى جانب الاستثمار في دعم الطفولة المبكرة والتعليم وتعزيز الصحة للحد من التكاليف والفوارق على المدى الطويل، وتشمل الإصلاحات الجارية التكيف مع التغيرات الديموغرافية وضمان الاستدامة، على أساس أن الرفاه الاقتصادي والاجتماعي يسيران جنبا إلى جنب.
وأكدت أن فنلندا تضمن رعاية صحية عالية الجودة مع الحفاظ على الاستدامة المالية من خلال نظام شامل ممول بالضرائب يركز على الوقاية والكفاءة واستخدام التكنولوجيا، وقد استثمرت فنلندا على مدى السنوات في التعليم والرعاية الصحية والابتكار، مع إدارة رشيدة للإنفاق العام.
وأوضحت أن التركيز على الوقاية، والحلول الرقمية، والإدارة الذكية، وتكافؤ الوصول إلى الخدمات، يسهم في خفض التكاليف على المدى الطويل وبناء مجتمع قوي وشامل.
فنلندا منفتحة على توسيع التعاون الدولي في مجالات الصحة الرقمية والطب عن بُعد
وأضافت أن فنلندا منفتحة على توسيع التعاون الدولي في مجالات الصحة الرقمية والطب عن بُعد، خصوصا مع الدول المتقدمة مثل دولة قطر حيث أنه بفضل بنيتها التحتية الرقمية المتطورة وخبرتها في الحلول الصحية الإلكترونية، والتشخيص القائم على الذكاء الاصطناعي، وأنظمة البيانات الصحية الآمنة، تقدم فنلندا خبرات قيمة.
وأشارت إلى أنها طرحت هذه الفرص خلال اجتماعها مع سعادة السيد منصور بن إبراهيم بن سعد آل محمود وزير الصحة العامة حيث يتماشى هذا التعاون مع الأهداف الاستراتيجية لفنلندا لدخول أسواق عالمية جديدة ومشاركة الحلول المبتكرة لتعزيز الصحة والرفاه على مستوى العالم.
تحول جذري
وسلطت سعادتها في حوارها مع "قنا" الضوء على أن التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي سيحدثان تحولا جذريا في أنظمة الرعاية الصحية والاجتماعية، إذ سيسهم الذكاء الاصطناعي في تحسين التشخيص والعلاجات الشخصية وتعزيز الكفاءة الإدارية، وسيساعد في التنبؤ بالأمراض وتصميم خطط علاجية مخصصة وأتمتة المهام الروتينية، مما يتيح للعاملين الصحيين التركيز على الرعاية المعقدة، ستلعب الروبوتات دورا في الجراحة، وسيتوسع نطاق الرعاية الافتراضية وعن بعد، وستتاح أدوات تمكن المرضى المصابين بأمراض مزمنة من إدارة صحتهم بشكل أفضل.
أولويات فنلندا المستقبلية في سياسات الصحة والرعاية الاجتماعية تركز على الحفاظ على جودة واستدامة الرعاية
وأشارت إلى أن أولويات فنلندا المستقبلية في سياسات الصحة والرعاية الاجتماعية تركز على الحفاظ على جودة واستدامة الرعاية من خلال نظام شامل يركز على الوقاية واستخدام التكنولوجيا، مؤكدة أن الاستثمار في الرفاه يعزز القدرة على الصمود والاستقرار الاقتصادي في ظل شيخوخة المجتمع.
واختتمت سعادتها الحوار بالتأكيد على أن القمة العالمية للتنمية الاجتماعية تمثل منصة حيوية تجمع قادة الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني والقطاع الخاص والأوساط الأكاديمية لمناقشة التحديات الاجتماعية الرئيسية، وتعزيز صوت الفئات الضعيفة وتسهم في إدماج مفهومي الشمول والعدالة ضمن أجندات التنمية الدولية، لضمان ألا يترك أحد خلف الركب.
كما أبرزت سعادتها الدور الحيوي للمرأة والشباب في فنلندا في صياغة السياسات الاجتماعية من خلال المشاركة الواسعة في الحكومة، واتخاذ القرار الشامل، والمنصات التشاركية حيث تعمل فنلندا على تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين الشباب عبر قوانين التمثيل المتكافئ، والمجالس الشبابية، والبرامج التي تشجع على المشاركة المدنية، كما تدعم بلادها، على الصعيد العالمي، المبادرات التي تعزز مشاركة النساء والشباب من خلال التعليم وبرامج القيادة وتبادل أفضل الممارسات في تطوير السياسات الشاملة.
