وسط اهتمام دولي تنطلق اليوم الأربعاء في المنامة أعمال الدورة السادسة والأربعين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية على مستوى القمة، وهي القمة الثامنة التي تعقد بمملكة البحرين منذ تأسيس مجلس التعاون في الـ25 من مايو 1981.
وتتصدر جدول أعمال القمة متابعة دعم وتعزيز العمل الخليجي المشترك، ووسائل تطوير آليات التعاون بين دوله وشعوبه في مختلف القطاعات.
قمة مهمة
وتكتسب قمة المنامة أهمية كبيرة من حيث التوقيت، لا سيما في ظل الأوضاع الراهنة، وتزايد حدة التحديات والمخاطر التي تواجه المنطقة، وهو ما يتطلب التنسيق المشترك للتعامل مع هذه التداعيات للحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي، والدفع بجهود إحلال السلام العادل الشامل في المنطقة.
وقد شاركت دولة قطر، يوم الأحد الماضي، في اجتماع المجلس الوزاري في دورته الـ166 التحضيرية للدورة (46) للمجلس الأعلى لمجلس التعاون الذي عقد بمدينة المنامة، وترأس وفد دولة قطر في الاجتماع سعادة السيد سلطان بن سعد المريخي وزير الدولة للشؤون الخارجية. وتم خلال الاجتماع بحث الموضوعات المدرجة على جدول أعمال المجلس، بما فيها متابعة تنفيذ قرارات المجلس الأعلى لمجلس التعاون وقرارات المجلس الوزاري، ومناقشة التوصيات المرفوعة من المجالس واللجان الوزارية المتخصصة، والتقارير المرفوعة من الأمانة العامة بشأن تعزيز التعاون والتكامل الخليجي في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والدفاعية والتنموية والاجتماعية.
كما ناقش المجلس الوزاري البيان الختامي للقمة الخليجية، وإعلان القمة، وقرر رفع توصياته إلى مقام المجلس الأعلى لاعتمادها في القمة السادسة والأربعين. وفي كلمة له خلال الاجتماع، أوضح السيد جاسم محمد البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية أن جدول أعمال الاجتماع تضمن جملة من الموضوعات التي تجسد أبعاد التكامل الخليجي، وتعزز محاور التعاون الخليجي الإقليمي والدولي.
لبنة جديدة
وأضاف أن قرارات وتوصيات الاجتماع الوزاري ستضيف لبنة جديدة في مسيرة مجلس التعاون المباركة، وأن ما تضمنه جدول الأعمال من عمق واتساع يعكس بجلاء الثقل الإقليمي والدولي لمجلس التعاون، ويرسخ حقيقة أن ما حققته دول المجلس من إنجازات على طريق التكامل الخليجي، وهو ما يصبو إليه قادة دول المجلس، يمضي بثبات في الاتجاه الصحيح، متسقا مع تطلعات الشعوب الخليجية وطموحاتها نحو مزيد من الترابط والازدهار.
#قنا_فيديو |
— وكالة الأنباء القطرية (@QatarNewsAgency) December 3, 2025
45 قمة خليجية..تخرج بقرارات مصيرية#قنا #القمة_الخليجية_الـ46 pic.twitter.com/9pEwWEEc85
وفي تصريحات سابقة خلال انعقاد الدورة الثانية والعشرين لمجلس الدفاع المشترك، في الخامس والعشرين من نوفمبر الماضي، بدولة الكويت، أكد السيد البديوي أن العمل العسكري المشترك بدول المجلس يحظى باهتمام ورعاية خاصة من أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، انطلاقا من إيمانهم العميق بروابط الوحدة التي تجمع دولهم، وإدراكهم للدور الجوهري الذي تضطلع به القوات المسلحة في حماية أمن دول المجلس واستقرارها، وصون سلامتها وسيادتها، والارتقاء به ليواكب طموحات شعوب دول المجلس، مؤكدين -حفظهم الله ورعاهم- على أهمية مواصلة تعزيز هذه المسيرة الخليجية المباركة، بما يعزز قدرتها على التعامل مع مختلف التحديات والتهديدات في الحاضر والمستقبل.
كما أكد الأمين العام لمجلس التعاون أن دول المجلس تبذل جهودا كبيرة لتعزيز التعاون والتكامل الاقتصادي، في إطار سعيها الحثيث نحو تحقيق الوحدة الاقتصادية الخليجية، وتعزيز مكانة دول المجلس كمركز عالمي رائد في مجالات المال والاستثمار والاقتصاد. جاء ذلك خلال الاجتماع التاسع والستين للجنة التعاون التجاري بدول مجلس، الذي عقد في التاسع والعشرين من أكتوبر الماضي بدولة الكويت.
أرقام إيجابية
وحول النشاط الاقتصادي والتجاري لمجلس التعاون الخليجي، أعلن المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تحقيق ارتفاع بنسبة 7.4% في حجم التجارة الخارجية السلعية لدول مجلس التعاون (لا يشمل التجارة البينية)، ليبلغ نحو 1.6 تريليون دولار أمريكي في العام 2024م، مقارنة بـ 1.5 تريليون دولار أمريكي في العام 2023م، مسجلا بذلك أعلى مستوى في تاريخه خلال الفترة 2017 - 2024م.
وأشار المركز إلى أن قيمة إجمالي الصادرات السلعية بلغت حوالي 850 مليار دولار أمريكي في العام 2024م، مقابل نحو 821 مليار دولار أمريكي في العام 2023م، بزيادة تقدر بنحو 3.4%. وحسب بيانات المركز للعام 2024م فقد تصدرت الصين والهند واليابان قائمة الشركاء التجاريين الرئيسيين لدول مجلس التعاون، وهي الدول الثلاث ذاتها التي حافظت على ترتيبها نفسه في العام السابق 2023م، إذ استحوذت مجتمعة على نحو 36 % من إجمالي التبادل التجاري السلعي لدول المجلس مع العالم، بما يؤكد المكانة المحورية للقارة الآسيوية في هيكل التجارة الخليجية العالمية.
وجاءت الصين في المرتبة الأولى بحجم تبادل بلغ نحو 299 مليار دولار أمريكي، تلتها الهند بحجم تبادل بلغ نحو 158 مليار دولار أمريكي، بينما جاءت اليابان في المرتبة الثالثة بنحو 114 مليار دولار أمريكي، أما الولايات المتحدة فحلت في المرتبة الرابعة بحجم تبادل بلغ قرابة 89 مليار دولار أمريكي، تلتها كوريا الجنوبية بنحو 88 مليار دولار أمريكي.

وتؤكد بيانات العام 2024م أن مجلس التعاون حافظ على مكانته ضمن أكبر الاقتصادات التجارية في العالم، محتلا المرتبة الخامسة عالميا من حيث حجم التبادل التجاري السلعي، بحصة بلغت 3.2% من إجمالي التجارة العالمية، وبقيمة قاربت 1.6 تريليون دولار أمريكي، مقارنة بنحو 1.5 تريليون دولار أمريكي في العام 2023م، مسجلا نموا قويا نسبته 7.4%.
أداء متميز
ويبرز هذا الأداء المتميز ارتقاء مجلس التعاون من المرتبة السادسة في العام 2023م إلى المرتبة الخامسة في العام 2024م، في تأكيد على تنامي مكانتها في منظومة التجارة الدولية وتعزيز دورها المحوري في سلاسل الإمداد والطاقة العالمية.
وفي الثالث عشر من نوفمبر الماضي تم في متحف البحرين الوطني افتتاح جناح مجلس التعاون لدول الخليج العربية المصاحب لقمة المنامة، ويجسد الجناح خلاصة مسيرة مجلس التعاون منذ تأسيسه قبل 44 عاما، ويوثق مختلف محطاته التاريخية، بما في ذلك مرحلة التأسيس، وأقوال القادة، حفظهم الله ورعاهم، والمنظمات والهيئات التابعة للمجلس، والإنجازات والمشروعات الخليجية المشتركة، ومسارات العمل الخليجي المشترك، والتعاون السياسي والحوار الاستراتيجي، والتعاون الاقتصادي والأمني والعسكري والاجتماعي والتشريعي، والأرقام والمؤشرات الإحصائية، بالإضافة إلى جناح خاص بالصور التذكارية.
ومنذ تأسيس مجلس التعاون، قبل أربعة وأربعين عاما، أصبح المجلس منظومة راسخة وفاعلة خليجيا وإقليميا ودوليا، تؤدي دورها البناء على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والدفاعية والأمنية والإنسانية، وتؤسس قواعد ومرتكزات التنمية الشاملة والتطور الاقتصادي، ممثلة في السوق الخليجية المشتركة، والربط الكهربائي والسكك الحديدية والبنى التحتية والنقل والمواصلات، وهيئات خليجية فاعلة في مختلف المجالات التنموية.
ويعد مجلس التعاون لاعبا اقتصاديا موثوقا على الصعيد الدولي، فهو سوق ضخمة للصادرات من جميع أنحاء العالم، كما تلعب دوله دورا متميزا في تزويد أسواق الطاقة العالمية بالنفط والغاز اللذين يعدان المحركين الرئيسيين للاقتصاد العالمي، كما أصبحت دوله أيضا مركزا للاستثمارات والتجارة في المنطقة، وتعزز دورها كلاعب رئيسي في الاقتصاد العالمي من خلال موقعها الجغرافي الاستراتيجي، ومواردها الطبيعية، واعتمادها على الاقتصادات القوية.
