تصل درجة الحرارة في بعض الدول العربية هذه الأيام إلى 50 درجة مئوية، فكيف تقي نفسك من ضربة الشمس، وما الفرق بين ضربة الشمس والإجهاد الحراري؟ الإجابات في هذا التقرير…
مع حلول الصيف، تواجه العديد من الدول درجات حرارة شديدة، وتسجل العديد من الدول العربية درجات حرارة تتجاوز 40 وقد تصل إلى الـ50.
وعن أضرار هذا الارتفاع، قال وكيل وزارة الصحة بمحافظة الوادي الجديد المصرية الدكتور أحمد محروس -في بيان نقلته وكالة أنباء الشرق الأوسط أمس الاثنين- إنه "خلال موجات الطقس الحار فإن المواطن يكون معرضا لأضرار صحية ناجمة عن الحرارة المرتفعة على جسم الإنسان، مثل ضربة الشمس، وهي من أشد الأضرار الناجمة عن التعرض للحرارة الشديدة، ومن أعراضها ارتفاع درجة حرارة الجسم إلى 40 درجة، وجفاف الجلد، وضعف في وظائف الجهاز العصبي المركزي، متمثلا في الصداع والتهيج والدوخة والارتباك، مع سرعة في ضربات القلب والتنفس السريع، وأحيانا فقدان الوعي، ويمكن أن تكون قاتلة فهي تتطلب رعاية طبية عاجلة".
ووجه محروس "بالابتعاد عن حرارة الشمس خلال الموجة الحارة قدر الإمكان، خاصة وقت الظهيرة، ومحاولة تجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس لفترات طويلة، ومن الأفضل عدم خروج مرضى ضغط الدم والسكري والجيوب الأنفية والجهاز التنفسي، إلا للضرورة، خصوصا في ظل الفترة الحالية لضمان الوقاية من فيروس كورونا المستجد".
نظام معقد للتحكم في درجة حرارة الجسم
ووفقا لتقرير للدكتور محمد فرجي، وهو أستاذ مساعد لعلم طب العائلة ومدير الرعاية الأولية والمهارات الإكلينكية في كلية طب وايل كورنيل في قطر، فإن البشر يمتلكون نظاما معقدا للتحكم في درجة حرارة الجسم، بحيث يحتفظ هذا النظام باستمرار بدرجة حرارة الجسم الداخلية في حدود حوالي 5 درجات، حتى في أشد حالات التذبذب في درجات حرارة الجو من حولنا.
وهناك الكثير من العمليات التي تحدث معا لإبقاء درجة حرارة الجسم في هذا النطاق، أعلى أو أقل قليلا من 36.8 درجة مئوية، وهذه العمليات مجتمعة تعرف بتنظيم الحرارة، وتشبه هذه العملية وجود ثرموستات داخلي في الجسم. فعندما ترتفع درجة حرارة الجو بشدة، تدار مكيفات الهواء داخل أجسامنا، فتفرز أجسامنا عرقا وتحمر بشرتنا حيث يجتمع الدم في سطح الجلد للتخلص من الحرارة.
أما بالنسبة للانخفاض الشديد في درجة الحرارة، فتبدأ مدفأة أجسامنا في العمل فيتحرك الدم إلى داخل أجسامنا للحد من تعرضه للبرودة. ومع فرط السخونة أو البرودة في الجو، تتسارع بشدة عمليات تنظيم الحرارة داخل الجسم، وفي بعض الأحيان لا يمكنها الاستمرار.
ومن الضروري أن ندرك هذه الحقيقة في الوقت الذي ندخل فيه بفصل الصيف حيث الحرارة الشديدة والرطوبة الزائدة. وفي هذه الأوقات، يمكن أن تتعرض صحتنا، بل حياتنا، إلى خطر ضربات الحرارة.
وقال الدكتور فرجي إنه عند تعرض الخلايا لحرارة شديدة، أعلى من 41.1 مئوية، تبدأ الخلايا في التصدع والتفكك. في أشد الحالات خطورة، تتسبب الحرارة في تغيير طبيعة البروتين داخل الخلايا والانصهار الفعلي للعناصر البنائية إلى جانب تداعيات أخرى. وتؤدي هذه التغيرات الميكروسكوبية بدورها إلى انهيار القلب والدورة الدموية، وحدوث فشل عام في وظائف الأعضاء، وأخيرا الوفاة.
وعند حدوث ارتفاع في درجة حرارة الجو المحيط، يتعامل الجسم البشري مع هذا الارتفاع من خلال مجموعة من الطرق. ويعتبر إشعاع الحرارة -وذلك من خلال بث الحرارة في الجو عن طريق الجلد- هو الطريقة الرئيسية التي يتخلص بها الجسم من الحرارة عند الارتفاع البسيط في درجات الحرارة. ولكن عند الارتفاع الشديد في درجات حرارة الجو، تكون أهم وسيلة يتخلص الجسم بها من الحرارة هي التبخر، وذلك عبر التعرق.
نصائح مفصلة للحماية من الإجهاد الحراري وضربة الشمس خلال الجو الحار
البقاء في المنزل، وفي مكان مكيف قدر الإمكان، وذلك وفقا للمراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها.
يمكن أخذ حمام بالماء البارد.
إذا كنت بحاجة للخروج فأقصر نشاطك على الأوقات الأقل حرارة، مثل ساعات الصباح والمساء.
لا تمارس التمرين في الخارج في الجو الحار.
إذا اضطررت للخروج في الهواء الطلق احم نفسك من أشعة الشمس بارتداء قبعة عريضة الحواف ونظارات شمسية ووضع واق من الشمس بعامل حماية من الشمس 15 أو أعلى قبل 30 دقيقة من الخروج.
استعمل مستحضرات الوقاية من الشمس التي تحمل جملة "طيف واسع" أو "حماية UVA / UVB" على ملصقاتها، فهذه المنتجات تعمل بشكل أفضل.
تجنب الوجبات الساخنة والثقيلة، فهي تضيف حرارة لجسمك.
اشرب الكثير من السوائل، بغض النظر عن مدى نشاطك، ولا تنتظر حتى تشعر بالعطش للشرب.
ويقول الدكتور فرجي إنه للحفاظ على المياه داخل الجسم والقدرة على التعرق، فإنه من الضروري أن نشرب ما لا يقل عن 2.5 لتر من الماء. أما إذا كان الشخص من العاملين النشطين الذين يتطلب عملهم البقاء في الهواء الطلق، فأضف لترين إلى هذه الكمية، بل أضف أكثر من ذلك إذا كنت ممن يبذلون جهدا شديدا.
وشدد الدكتور فرجي على ضرورة تجنب الإفراط في شرب المياه، فإن الكثير من المياه قد يؤدي إلى ما يسمى بفرط السوائل في الجسم، وهي حالة مرضية ينتج عنها خلل في توازن تركيز الأملاح في الجسم.
تجنب المشروبات الباردة جدا، لأنها قد تسبب تقلصات في المعدة.
التعرق الغزير يزيل الأملاح والمعادن من الجسم، وهذا يعني الحاجة إلى تعويضها من الغذاء، كما يمكن شرب مشروب رياضي لتعويضها.
لا تترك الأطفال في السيارة، إذ يمكن أن ترتفع درجة حرارة السيارات بسرعة إلى درجات حرارة خطيرة، حتى مع فتح النوافذ. وفي حين أن أي شخص يترك في سيارة متوقفة معرض للخطر، فإن الأطفال معرضون بشكل خاص لخطر الإصابة بضربة شمس أو الموت.
ما الفرق بين الإجهاد الحراري وضربة الشمس؟
"الإجهاد الحراري" (Heat exhaustion) حالة تسبق ضربة الشمس (Heatstroke)، ويمكن أن تتطور إليها، وعموما لا يعد الإجهاد الحراري خطيرا إذا جرى تبريد الشخص خلال 30 دقيقة، أما إذا تطور إلى ضربة شمس فيجب طلب الإسعاف.
ما علامات الإجهاد الحراري؟
الصداع.
الدوخة والارتباك.
فقدان الشهية.
التعرق الزائد.
شحوب البشرة.
تشنجات في الذراعين والساقين والمعدة.
تسارع التنفس أو النبض.
درجة حرارة الجسم 38 مئوية أو أعلى.
الشعور الشديد بالعطش.
غالبا ما تكون الأعراض هي نفسها عند البالغين والأطفال، ولكن الأطفال قد يصابون بارتخاء ونعاس، وذلك وفقا لخدمات الصحة الوطنية في المملكة المتحدة.
ما الإسعافات الأولية للإجهاد الحراري؟
نقل الشخص إلى مكان بارد.
يطلب من الشخص الاستلقاء ورفع قدميه قليلا.
شرب الكثير من الماء.
تبريد الجلد بالماء، مع استعمال مروحة.
المراقبة حتى يتحسن المصاب، ويجب أن تنخفض حرارة الجسم خلال 30 دقيقة.
إذا لم تتحسن الحالة خلال 30 دقيقة، أو ارتفعت حرارته إلى 40، فيجب الاتصال بالإسعاف، لأن الإجهاد الحراري تطور إلى ضربة شمس.
ضربة الشمس
ضربة الحر أو ضربة الشمس هي ظرف صحي خطير ناجم عن التعرض لمصدر حرارة (مثل أشعة الشمس) لفترة طويلة، أو القيام بنشاط جسمي في جو حار. ويعتبر الشخص مصابا بضربة الحر إذا تجاوزت حرارته 40 مئوية. ورغم أن الجسم لديه آليات لخفض درجة حرارة الجسم فإنه يفشل في ذلك في حالة الإصابة بضربة الحر، مما يؤدي إلى بقاء درجة حرارة الجسم مرتفعة.
وقد يؤدي الارتفاع في درجة الحرارة إلى حدوث تشنجات لدى المصاب، كما قد يصاب بالإنهاك الحراري الذي تشمل أعراضه التعرق الشديد والغثيان والدوار. ومع استمرار ارتفاع درجة حرارة الجسم، فإن الضرر قد يصل إلى الدماغ والكلى والعضلات، مما يسبب عواقب خطيرة على الصحة وقد يسبب الوفاة.
أعراض ضربة الشمس:
عدم التعرق رغم أن الجو حار للغاية.
درجة حرارة الجسم 40 درجة مئوية أو أعلى.
تسارع أو ضيق في التنفس.
فقدان الوعي.
الإسعافات الأولية لضربة الشمس:
يعتمد علاج ضربة الحرارة على تبريد جسم المصاب واستدعاء الطوارئ فورا، لأن ضربة الشمس قد تؤدي للموت، ويفضل أن يتصل شخص بالإسعاف بينما يقوم آخر بالتعامل مع المصاب، وذلك عبر:
إبعاد الشخص عن مصدر الحرارة، كإدخاله إلى البيت أو إبعاده عن أشعة الشمس ووضعه في مكان ظليل.
تخفيف الملابس عن المصاب.
تغطيس المصاب في الماء البارد، أو صبه عليه في مكانه.
وضع كمادات الثلج على جسم المصاب.
شرب الماء إذا كان الشخص واعيا وقادرا على ذلك.