أكد السيد ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أن مشاركة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، في أعمال الدورة الـ 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة تعكس التزام دولة قطر تجاه الأمم المتحدة، وحرصها على تحقيق أهداف المنظمة الدولية.
دعم قطري متواصل
وقال دوجاريك في حوار خاص مع وكالة الأنباء القطرية "قنا": إن دولة قطر تشارك منذ فترة طويلة في اجتماعات الأمم المتحدة على مستوى عال، وهو ما أظهر -على مدار السنوات- الدور الذي تقوم به، والدعم الذي تقدمه للأمم المتحدة، سواء من حيث التمويل أو دعم التنمية أو مساعدة الدول الأقل نموا.. مضيفا: "كما لعبت دورا سياسيا حاسما في القضية الأفغانية، وفي قضايا أقل طرحا أو رؤية في بعض الأحيان "على المستوى العام"مثل تشاد، كما ساهمت في إقامة جسر بين إيران والغرب.. لقد لعبت قطر دورا مركزيا في بناء جسر جغرافي ودبلوماسي بالنسبة لنا في الأمم المتحدة".
كما أكد تقدير الأمم المتحدة وامتنانها لدولة قطر، لتوسطها في العديد من الصراعات الإقليمية والعالمية، مجددا، في هذا السياق، الشكر لدولة قطر لمساعدتها في إجلاء موظفي الأمم المتحدة من كابول منذ أكثر من عام.
الدوحة ما زالت تمثل جسرا بين السلطات في أفغانستان وباقي دول العالم
وقال: "أعتقد أن الأمين العام تأثر بشدة للمساعدة التي قدمها سمو الأمير المفدى والحكومة القطرية في هذا الصدد".. مشيرا إلى أن الدوحة ما زالت تمثل جسرا بين السلطات في أفغانستان وباقي دول العالم، حيث نقلت عدد من الدول تمثيلها الرسمي من كابول إلى الدوحة، وهذا أمر مهم للغاية واستفادت منه الأمم المتحدة.
الوساطة القطرية
كما أثنى المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة على الوساطة القطرية في تشاد، قائلا إنها تظهر الأهمية التي تبديها دولة قطر للحل السلمي للنزاعات والصراعات. وأضاف: "أعتقد أن الجهود التي قامت بها قطر في تشاد وأفغانستان، وكذلك في إيران، ومحاولة نزع فتيل التوتر بين طهران والمجتمع الدولي، هي جهود لا تقدر بثمن".
كما أعرب المسؤول الأممي عن اعتقاده بأن كأس العالم FIFA قطر 2022 ستكون نسخة رائعة من المونديال دون أدنى شك، قائلا: إن وكالات الأمم المتحدة تعمل مع قطر من أجل استغلال كأس العالم للترويج لأهداف التنمية المستدامة والترويج للتفاهم.. وأضاف: "الرياضة مصدر رائع للاتحاد، إنها تجمع بين دول بالكاد تتحدث مع بعضها البعض ضمن إطار الأمم المتحدة".
كأس عالم رائع
وتابع : "ليس لدي أدنى شك في أن كأس العالم ستنظم بشكل رائع للغاية.. قطر أظهرت أنها مستضيف رائع للمبادرات الدبلوماسية، ولا يساورني شك في أنها ستكون مستضيفا رائعا أيضا لهذا الحدث، الذي يتحمس العالم كله لمشاهدته".. معربا عن أمنياته بتتويج المنتخب الفرنسي بالبطولة، وأن يظهر منتخب قطر بصورة جيدة خلال المنافسات.
الأمم المتحدة هي المكان الذي يتم فيه حل الأزمات وتأتي إليه الدول للجلوس على طاولة المحادثات
وفيما يتعلق باجتماعات الدورة الـ 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وأبرز الملفات التي ستكون حاضرة فيها، قال المتحدث باسم الأمين العام: إن الجمعية العامة تنعقد هذا العام في ظل أزمة تؤثر على العالم، وإن الأمم المتحدة هي المكان الذي يتم فيه حل الأزمات، وتأتي إليه الدول للجلوس على طاولة المحادثات.
أهمية خاصة
ولفت إلى أن "هذه الدورة تكتسي أهمية خاصة؛ لأنها المرة الأولى التي يعود فيها الحضور إلى الأمم المتحدة منذ بداية جائحة كورونا، وهي فرصة لقادة العالم لرؤية بعضهم البعض، وفرصة للأمين العام للتفاعل معهم".. مشيرا إلى أن أوكرانيا ستكون على رأس جدول أعمال الجمعية، من خلال تأثيرات الحرب الدائرة هناك على الاقتصاد العالمي، وعلى أسعار الطاقة وأسعار الغذاء، والأسمدة، وعلى التغير المناخي كذلك.
وأضاف: "نحن نواجه أزمات على أصعدة ومستويات مختلفة، مثل الصراعات والتغير المناخي وأزمات الطاقة والغذاء والإرهاب والصحة وجائحة كورونا، وهذه لحظات يكون فيها من المهم إعادة التأكيد على مركزية تعدد الأطراف ومركزية الأمم المتحدة، حيث يمكن لجميع الدول أن تنسق جهودها وتعمل سويا لتجاوز هذه التحديات؛ لأنه سواء كنت تتحدث عن التغير المناخي أو الإرهاب أو الفيروسات، تجد أنه لا سبيل لدولة واحدة أن تتعامل مع هذه المشاكل وحدها؛ ولهذا نحن نريد تعاونا فعالا للدول الأعضاء".
الحرب مستمرة
وبشأن الحرب في أوكرانيا، وما إذا كان هناك أمل يلوح على قرب انتهائها، أكد ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنه لم تظهر حتى الآن إشارات تدل على قرب انتهاء الحرب.. قائلا "نتمنى لو كان باستطاعتنا إنهاء هذه الحرب، لكن إنهائها ليس بأيدينا، بل بأيدي من يحملون السلاح".
وأشار إلى أن الأمم المتحدة تعمل الآن مع كل من أوكرانيا وروسيا على ما تسميه "مبادرة البحر الأسود للحبوب" العالمية، التي تفتح الباب أمام الحبوب الأوكرانية والحبوب الروسية والأسمدة للعودة إلى الأسواق العالمية؛ لأن البلدين من كبار المنتجين والمصدرين لجميع أنواع الحبوب والمواد الغذائية.
وأوضح أن توقف التصدير منذ بداية الحرب كان له تأثير كبير، وأدى لارتفاع هائل في أسعار السلع الغذائية والأسمدة، وهو ما كان له تأثير مدمر على الدول النامية، وبفضل جهود الأمين العام للأمم المتحدة، تمكنا من تهدئة أسعار السلع الغذائية على المستوى العالمي.
ولفت دوجاريك إلى أن الأمم المتحدة تتعامل مع الوضع في أوكرانيا من مستويات مختلفة، فعلى الصعيد الإنساني، لديها حاليا طاقم من ألف شخص يعمل على مساعدة الشعب الأوكراني، ويقدم له الطعام ويوفر له المأوى.
ظروف صعبة
كما تحدث السيد ستيفان دوجاريك، في حواره مع وكالة الأنباء القطرية "قنا" عن الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة، ومدى إمكانية نجاحها في ظل الظروف الراهنة ودور الأمين العام في ذلك، وقال: إن سلطات الأمين العام للأمم المتحدة محدودة، لكنه يمتلك قوة أخلاقية كبيرة، ولديه القدرة على التحدث.
وأضاف: "إذا ما نظرنا وقرأنا ما قاله خلال العام الماضي، أو في الشهور الستة الماضية منذ بداية الحرب في أوكرانيا، سنجد أنه كان قويا جدا ومباشرا للغاية في دعوة الدول الأعضاء إلى العمل معا للتعامل مع التحديات التي تواجه العالم، لا سيما التغير المناخي".
وأشار إلى أن الأمين العام يلعب دورا جمعيا لكنه لا يستطيع إجبار الدول الأعضاء على تغيير سياساتها وسلوكها، لكنه يستطيع أن يجمعها ويوفر لها مكانا لمناقشة كل القضايا ، لافتا إلى أن الحديث عن إصلاح الأمم المتحدة بدأ تقريبا منذ الأسبوع الأول عقب تأسيس المنظمة الدولية عام 1945.
تطور الأمم المتحدة
وتابع "العالم يتغير، والأمم المتحدة تحتاج للتغير معه.. لقد زاد أعضاء المنظمة من 50 دولة إلى 193 دولة، وأعتقد أنه من المهم أيضا أن نرى كيف تطورت الأمم المتحدة من مجرد مكان للحديث إلى وكالة عمليات، لحفظ السلام، ولعب دور إنساني، ووساطات سياسية. تلك المهمات السياسية لم تكن محل تخيل أو يتصورها أحد حين تم توقيع الميثاق. الآن بالطبع في قلب الأمم المتحدة هناك مجلس الأمن فيما يتعلق بالسلام والأمن، ونحن نعلم أين تكمن القوة، 5 أعضاء يتمتعون بحق النقض، إنهم بطريقة ما لم يتغيروا منذ 1945".
وقال إن الأمين العام الحالي للأمم المتحدة -وربما كل الأمناء العامين الذين سبقوه- دعا إلى إصلاح مجلس الأمن لجعله أكثر صلة بالعالم الذي نحن فيه؛ لأن هذا يتعلق بالمصداقية.. مضيفا: "مثلا، معظم أعمال حفظ السلام في مجلس الأمن تحدث في إفريقيا، ومع ذلك لا يوجد صوت إفريقي في مجلس الأمن، ولا صوت أيضا من العالم العربي؛ لذا فهذه أشياء يجب أن تتفق عليها الدول الأعضاء نفسها، وقد تحدثت عنه، ونأمل أن يكون هناك بعض الحلول".