مثلت منصات التواصل الاجتماعي الميدان الأبرز للسباق الانتخابي إلى جانب الحملات الدعائية بالشوارع الرئيسية في المدن والبلديات المختلفة، وذلك في انتخابات المجلس البلدي المركزي في دورته السابعة والمقرر إجراؤها في 22 من يونيو الجاري.
ويتنافس في هذه الانتخابات 110 مرشحين على 29 مقعدا، تمثل 29 دائرة انتخابية، تضم أكثر من 240 منطقة، وشرع المتنافسون في إبراز ملامح برامجهم الانتخابية في حملاتهم الدعائية منذ الأحد الماضي 11 يونيو وتستمر حتى 20 من الشهر ذاته، وهو اليوم الذي يسبق مرحلة الصمت الانتخابي التي تسبق يوم الاقتراع.
خدمة الوطن والمواطن
وتشمل البرامج الانتخابية للمرشحين التي رصدتها وكالة الأنباء القطرية "قنا" محاور عدة، مرتكزها الأساس خدمة الوطن والمواطن، منها تحسين المرافق العامة، تسهيل الوصول إلى الخدمات المقدمة للمواطن، زيادة المساحات الخضراء والمتنزهات، ورفع مستوى النظافة والاهتمام بإعادة التدوير دعما للاستدامة، ومتابعة الجهات المعنية لإنجاز مشاريع البنية التحتية بأقصى سرعة ممكنة.
كما تشمل البرامج تعزيز وتنظيم المناطق والشوارع التجارية، وتطوير شبكات تصريف مياه الأمطار، والتواصل المجتمعي للوقوف على احتياجات الدوائر، وغيرها من المحاور التي تدخل في اختصاصات المجلس البلدي المركزي.
وفيما تنتشر صور المرشحين في الشوارع والميادين الرئيسية بعضها مصحوب بعبارات دعائية تعكس مضامين البرنامج الانتخابي، إلا أن وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة "تويتر" و"إنستغرام" و"سناب شات" تضج بالحملات الدعائية كونها من المنصات الأبرز للوصول إلى الناخب القطري.
ويبدو الأمر طبيعيا لمشهد تكرر في انتخابات المجلس البلدي في العام 2019، ولو بصورة أقل، وانتخابات مجلس الشورى 2021، في ضوء الانتشار الواسع لاستخدام شبكات التواصل الاجتماعي في قطر، حيث تشير الإحصاءات إلى أن دولة قطر من بين الدول الأولى في العالم في استخدام هذه الوسائل، هذا فضلا عن قوة وتطور البنية التحتية للاتصالات.
وفي ضوء ذلك، يعد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للدعاية الانتخابية الخاصة بالمجلس البلدي المركزي في قطر أمرا في غاية الأهمية بالنسبة للمرشحين للوصول إلى قاعدة عريضة من الناخبين، كما يؤكد خبراء وإعلاميون.
عوامل نجاح الرسالة الاتصالية
ويؤكد الدكتور عبدالرحمن الشامي أستاذ الصحافة التلفزيونية والرقمية في قسم الإعلام بجامعة قطر في تصريح لوكالة الأنباء القطرية "قنا" أن "اختيار الوسيلة الإعلامية المناسبة هو أحد عوامل نجاح الرسالة الاتصالية، وبدون الوسيلة التي تتناسب وخصائص الجمهور فإن نجاحها لا يتحقق مطلقا أو لا يتحقق على النحو المرجو".
ويشير إلى أن فئة الشباب في قطر تحتل نسبة مهمة من إجمالي عدد السكان، وهؤلاء حاضرون بكثافة في وسائل التواصل الاجتماعي، ولذا فهي من أهم الوسائل الاتصالية التي يلجأ إليها المرشحون للوصول إلى جمهورهم من الناخبين.
ويضيف "في دولة قطر ومنطقة الخليج بشكل عام، جمهور شبكات التواصل مثل "تويتر" و"إنستغرام" واسع وعريض ومن هذا المنطلق تعتبر هذه الشبكات من أهم المنصات التي يذهب إليها المرشحون للانتخابات لعرض برامجهم الانتخابية".
ويعدد الدكتور الشامي بعض خصائص وعناصر القوة التي تمتاز بها منصات التواصل الاجتماعي قياسا بوسائل الإعلام التقليدية (صحف - إذاعة - تلفزيون)، من بينها، الوصول السريع إلى الجمهور المستهدف، وانتقاء الرسالة الاتصالية بدقة، وقوة التأثير والإقناع، وتحديد خصائص الجمهور المستهدف، مشيرا إلى أنه لا توجد وسيلة اتصال تستطيع تحديد خصائص الجمهور المستهدف سوى منصات ووسائل التواصل الاجتماعي.
ويوضح أن المعادلات والخوارزميات التي تستند عليها هذه الوسائل والمنصات في عملها تمكن من بناء قاعدة بيانات تتوافر فيها خصائص الجمهور ومن ثم تتاح هذه الخصائص للراغبين في الوصول إلى الجمهور "وهذه من أهم عناصر القوة التي تتمتع بها شبكات التواصل الاجتماعي".
تقديم محتوى بشكل مختلف
بدوره، يقول الإعلامي عبدالعزيز آل إسحاق لـ"قنا" إن الاستخدام الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي في قطر، وقدرتها على تقديم محتوى بشكل مختلف عما هو في الدعاية التقليدية وسرعة الوصول إلى جمهور الناخبين، تغري المرشحين باللجوء إليها والتركيز عليها في عرض برامجهم الانتخابية.
ويشير آل إسحاق إلى تقنيات نقل المحتوى عبر هذه الوسائل التفاعلية باستخدام الكلمة المكتوبة والصوت والصور المتحركة "وهي شديدة التأثير في حال تم إخراجها بطرق فنية مدروسة"، فضلا عن أن تكلفة النشر عادة أقل بكثير مقارنة بالدعاية التقليدية في الصحافة والإذاعة والتلفزيون.
ويضيف أن "هذه الانتخابات تحديدا تشهد مشاركة كبيرة من المرشحين على وسائل التواصل الاجتماعي ولعل انتخابات مجلس الشورى شجعت على خوض غمار هذه الانتخابات والتنافس عبر هذه الوسائل لاستقطاب الناخبين".
ويتابع قائلا "اليوم مساحة التأثير وقوته تتغير من وسائل الإعلام التقليدية إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا لا يعني غياب الوسائل التقليدية فهي حاضرة في الدعاية الانتخابية ونلاحظ انتشار صور ولافتات المرشحين في مختلف الشوارع والساحات والميادين العامة بالدولة".
أثر ودور تكنولوجيا الإعلام
وبخصوص أثر ودور تكنولوجيا الإعلام والاتصال في الحملات الانتخابية للمترشحين، يقول السيد خالد العماري الخبير في تكنولوجيا المعلومات، إن هذه الوسائل الحديثة أتاحت الكثير من الخيارات للمترشحين وسهلت الوصول والتفاعل بين المترشح والناخب.
ورأى أن الوسائل التقليدية قد لا تجد الكثير من المتابعين خاصة لدى الجيل الجديد من الشباب الذين تستهويهم وسائل التواصل الحديثة "والمرشح حريص على الوصول إلى هذه الفئات واستقطابهم من خلال الدعاية الانتخابية".
وأوضح العماري أن وسائل التواصل الاجتماعي تتيح تصميم وإعداد محتوى موجه لشريحة معينة أو فئة معينة من المجتمع، أو يعالج قضية ما في منطقة جغرافية محددة "مما يجعل الانتشار واسعا ويغطي مختلف الفئات وخاصة في حال استخدم المرشح عدة منصات لعرض برنامجه الانتخابي".
ولفت إلى ما تتيحه هذه الوسائل من تفاعل آني مع المحتوى بحيث تسمح للمرشح بمخاطبة الناخبين بشكل تفاعلي وفي أي وقت من اليوم.. وقال إن "وسائل التواصل الاجتماعي تتيح مرونة في التعاطي مع الحملات الانتخابية وحوارا وتفاعلا كبيرين.. مما يجعل المرشح أكثر قربا من الناخب وقادرا على تلمس احتياجات البلدية وقد يقوم بتعديل بعض جوانب حملته الانتخابية بناء على تفاعل الناخبين وتوجهاتهم ومطالبهم".