تشير دراسة مخبرية إلى أن معظم الميكروبات تموت عند تعرضها لمنتجات التنظيف الشائعة، لكن بقايا تلك المطهرات قد تدفع البكتيريا القاتلة إلى أن تصبح مقاومة للمضادات الحيوية.
والمبيدات الحيوية التي تشمل المعقمات والمطهرات، هي مواد كيميائية تستخدم على نطاق واسع في المنازل والمستشفيات والتصنيع لقتل الكائنات الحية الدقيقة المسببة للأمراض مثل البكتيريا. ومع ذلك، هناك مخاوف متزايدة من أن استخدامها على نطاق واسع قد يحفز مقاومة مضادات الحيوية عن طريق الضغط على البكتيريا لتتطور بطرق تجعلها أقل عرضة للأدوية.
وفي الدراسة الجديدة، التي نُشرت يوم الاثنين 9 أكتوبر في مجلة Nature Microbiology، ركز العلماء على نوع واحد من البكتيريا المقاومة للأدوية المتعددة تسمى "الراكدة البومانية" (Acinetobacter baumannii) التي صنفتها منظمة الصحة العالمية على أنها تهديد "خطير" بين "مسببات الأمراض ذات الأولوية"، وهي مجموعة من عائلات البكتيريا التي تشكل "أكبر تهديد" لصحة الإنسان.
وكشف الباحثون أن المستويات المنخفضة من العديد من المبيدات الحيوية الشائعة - على سبيل المثال، تلك التي قد تبقى على الأسطح والتي يصعب إزالتها من البيئة - يمكن أن تدفع البكتيريا إلى اكتساب القدرة على تحمل مضادات الحيوية.
وعلى وجه التحديد، تنمي "الراكدة البومانية" مقاومة لمضادات الحيوية التي تستهدف داخل الخلايا البكتيرية، ما يمنعها من صنع الحمض النووي أو البروتينات الجديدة.
مقاومة المضادات الحيوية
وقال ليبينغ لي، مؤلف الدراسة الرئيسي وزميل البحث في جامعة ماكواري في سيدني، لموقع "لايف ساينس": "تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أن المبيدات الحيوية بتركيزات منخفضة يمكن أن تؤثر على فعالية المضادات الحيوية وتؤدي إلى تطور مقاومة المضادات الحيوية. نقترح إجراء المزيد من التحقيقات والمسح حول الآثار الجانبية للمبيدات الحيوية المتبقية في سيناريوهات العالم الحقيقي لضمان أننا نستخدم هذه المواد الكيميائية الثمينة بحكمة وأمان".
وتعيش بكتيريا "الراكدة البومانية" عادة في التربة والمياه. وهي مُمْرِض انتهازي، ما يعني أنها لا تضر عادة الأشخاص الأصحاء ولكنها قد تنتهز الفرصة لمهاجمة أولئك الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة أو الدخول إلى أجسام المرضى في المستشفى عن طريق الجروح المفتوحة.
ويمكن أن تسبب "الراكدة البومانية" أمراضا خطيرة تشمل الالتهاب الرئوي، والتهابات مجرى الدم، والتهاب السحايا الناجم عن عدوى الجهاز العصبي، وقد طورت سلالات مختلفة مقاومة لمضادات الحيوية المتعددة.
وأدخل مؤلفو الدراسة الجديدة طفرات في جينوم "الراكدة البومانية" لتحديد الجينات التي ستساعد البكتيريا على البقاء عند معالجتها بعشرة مبيدات حيوية.
ومن خلال تعريض البكتيريا الطافرة لمنظفات مختلفة، حددوا العديد من جينات البقاء هذه، بعضها مشفر للبروتينات الموجودة في الجدار المحيط بالخلايا البكتيرية، والبعض الآخر مشفر للبروتينات داخل الخلايا، بما في ذلك البروتينات المشاركة في عملية التمثيل الغذائي أو التنفس، وهي العملية التي تصنع الخلايا من خلالها الطاقة.
نتائج التجارب
ووفقا لتجارب الفريق، فإن إحدى الطرق الرئيسية التي تقتل بها هذه المبيدات الحيوية البكتيريا هي تعطيل النشاط الكهربائي عبر أغشية الخلايا، وهذا يعيق قدرة الخلايا على إنتاج الطاقة. ولكن إذا لم يكن تركيز المبيد الحيوي مرتفعا بدرجة كافية، فلن يقتل البكتيريا، بل يجعلها أقوى.
وفي الواقع، في سبعة من المبيدات الحيوية العشرة التي تم اختبارها، كانت المستويات المنخفضة من المنتجات كافية لتعطيل نشاط الغشاء ولكن ليس لقتل البكتيريا.
علاوة على ذلك، فإن هذا التعرض المنخفض المستوى جعل مضادات الحيوية التي تستهدف الأجزاء الداخلية من الخلايا غير قادرة على اختراق البكتيريا بسهولة.
ويبدو أن اثنين من المجرمين السيئين بشكل خاص هما الكلورهيكسيدين والبنزالكونيوم.
ولم تتأثر مضادات الحيوية التي تستهدف غلاف الخلية وما يزال بإمكانها قتل الميكروب. وافترض العلماء أن السبب في ذلك هو أن مضادات الحيوية التي تستهدف الداخل كانت أقل احتمالا لاستيرادها، على الأرجح لأن هذه العملية تتطلب طاقة من الخلية، ما يجعلها أقل فعالية ضد "الراكدة البومانية".
تم إجراء الدراسة فقط في أطباق المختبر، وليس في بيئة واقعية مثل المستشفى. ومع ذلك، قال العلماء إن هذا يشير إلى أنه قد يكون الوقت قد حان للحديث عن "إدارة المبيدات الحيوية".
وسيكون "الاهتمام الرئيسي" لإدارة المبيدات الحيوية هو معرفة كيفية تقليل كمية المبيدات الحيوية المتبقية في البيئة بعد التنظيف، لمنع تعرض البكتيريا لتركيزات منخفضة للغاية من المنظفات وبالتالي منعها من اكتساب المقاومة.