قال معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية إن دولة قطر تعمل على خطة طموحة ليصبح اقتصادها أكثر تنوعا، حيث ينصب التركيز على تقوية القطاعات المختلفة في التصنيع والشؤون اللوجستية والتعليم والرعاية الصحية والسياحة والتكنولوجيا.
ونوه معاليه في حوار خلال الجلسة الافتتاحية لمنتدى قطر الاقتصادي بالتعاون مع بلومبيرغ اليوم، بأن دولة قطر قد بنت خلال العقود الماضية علامات تجارية عالمية، مشيرا إلى أن من الأمثلة الأساسية لذلك الخطوط الجوية القطرية التي تحتل المرتبة الأولى عالميا على مدى العقود الماضية وهو مدعاة للفخر، معربا عن أمله في رؤية المزيد من العلامات التجارية الناجحة في قطر.
رئيس الوزراء: قطر تحاول العمل على خطة يتحول بموجبها اقتصادها ليصبح أكثر تنوعا
وأضاف أن "دولة قطر تحاول العمل على خطة يتحول بموجبها اقتصادها ليصبح أكثر تنوعا، حيث تعمل الدولة تحقيق هذا الهدف على مدى الـ25 سنة الماضية وينصب التركيز على تقوية القطاعات المختلفة في التصنيع والشؤون اللوجستية والتعليم والرعاية الصحية والسياحة والتكنولوجيا، مشيرا في هذا الصدد إلى ثورة التكنولوجيا التي يشهدها العالم.
ولفت إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة في الطليعة في مجال الذكاء الاصطناعي والمملكة العربية السعودية في الطليعة في مراكز البيانات، مبينا أن قطر تحاول أن تكون جزءا من هذه البيئة لتكتمل بالمنطقة بما لديها من إمكانيات وقدرات مأهولة.
وحول زيارة فخامة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المنطقة مؤخرا، أكد معاليه أن الزيارة لكل من المملكة العربية السعودية ودولة قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة تعد دليلا واضحا على قدرات المنطقة، وتشكل رسالة قوية للعالم أجمع بأنها تتمتع بآفاق كبيرة.
ووصف معاليه زيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة بالمميزة والإيجابية وبأنها قد شكلت فرصة لبقية دول المنطقة، منوها إلى أنه جرى في قطر التطرق لمواضيع كثيرة كانت مرتبطة بالأمن الإقليمي، والتعاون الاقتصادي المستقبلي بين البلدين وكيفية الاستفادة من الإمكانيات المتوفرة لديهما.
وأضاف معاليه أن المنطقة تشهد ازدهارا وأنها قادرة على المساهمة بالتكنولوجيا المستقبلية وفي ثورة الذكاء الاصطناعي، مشيرا في ذات السياق إلى أن موضوعات البحث قد تنوعت بين الشراكة في مجال الذكاء الاصطناعي والطاقة وكيفية توسيع الدور الأساسي في إمدادات الاقتصاد الأمريكي باعتباره الأكبر في العالم.
رئيس الوزراء: نحن مسرورون أن نرى الشرق الأوسط ودول الخليج بشكل خاص تحظى باهتمام الإدارة الأمريكية
وتابع قائلا "نحن مسرورون أن نرى الشرق الأوسط ودول الخليج بشكل خاص تحظى باهتمام الإدارة الأمريكية ونؤمن بأن هناك إمكانات كبيرة لنا في المنطقة والولايات المتحدة الأمريكية يمكن البناء عليها في السنوات القادمة".
وأعرب معاليه عن اعتقاده بأن من الجوانب الرئيسة لزيارة فخامة الرئيس دونالد ترامب للمنطقة، التأكيد على أن الوضع فيها يبقى مستقرا، لافتا إلى التطورات الدقيقة التي تشهدها المنطقة مثل المحادثات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران والوضع في قطاع غزة والتغيرات التي تشهدها سوريا، معربا عن أمله في أن تؤدي مثل هذه اللقاءات إلى حلول للصراعات والتركيز على استقرار المنطقة، واصفا الرئيس ترامب بأنه "رئيس الاتفاقيات".
وحول الجدل الذي أثيرا مؤخرا بشأن الطائرة التي أهدتها دولة قطر للرئيس ترامب قال معاليه "رأينا الجدل الذي نتج عما أسميه التبادل بين البلدين.. فالعلاقة بين دولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية علاقة مؤسسية، وأنه على مدى إدارات أمريكية مختلفة بقيت العلاقة بين البلدين قوية على أساس الشراكة القائمة بينهما".
وتابع قائلا إن القضية ببساطة بين وزارتي الدفاع في البلدين، وتتم بشفافية تامة ووفق القانون، وإنها جزء من التعاون على مدى عقود بين البلدين كما حدث بينهما في أفغانستان وفي بطولة كأس العالم في قطر، معتبرا كل ذلك أمرا عاديا بين أي حليفين.
وتابع معاليه " لماذا يفكر الناس بهذا الشكل ويعتبرونه رشوة أو أن قطر تريد أن تحصل على مزيد من التأثير مع هذه الإدارة.. لا أرى أي سبب يدعو لهذه النظرة، وأعتقد أن هناك سوء فهم وأنه لسوء الحظ يحاول البعض تصوير أن قطر تحاول أن ترشي الآخرين"، مبينا أنه على مدى العشر سنوات الماضية كانت تخرج المعلومات في وسائل الإعلام وتحاول تصوير قطر على أنها تدفع الرشاوى للحصول على استضافة بطولة كأس العالم في كرة القدم، أو أنها تحاول أن تدفع المال للبرلمان الأوروبي، وصولا إلى الحديث عن محاولة قطر دفع رشوة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، "مؤكدا أنه على مدى السنوات العشر الماضية لم يثبت أن قطر قامت بمثل هذه الأمور".
رئيس الوزراء: قطر بلد يريد أن تكون لديه شراكات وعلاقات قوية وأن أي شيء تقدمه لدولة أخرى هو من باب الاحترام
وشدد معالي رئيس مجلس الوزراء خلال الحوار أن دولة قطر بلد يريد أن تكون لديه شراكات وعلاقات قوية، وأن أي شيء تقدمه لدولة أخرى هو من باب الاحترام، مؤكدا أن الشراكة والعلاقة المتبادلة بين دولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية تحقق الفائدة لكليهما والجميع يعرف ذلك.
وبين أنه علينا تخطي هذه الأفكار النمطية التي تعتبر قطر دولة عربية صغيرة غنية بالنفط ولا يمكن أن تحقق مبتغاها من دون دفع رشوة، مشددا على أن "ذلك فكر مغلوط يلحق الضرر ليس فقط بسمعتنا ولكن بسمعة الدول والمؤسسات الأخرى".
وحول الجدوى من مثل هذا الجدل، نبه معاليه إلى أن قطر لم تتخذ أي خطوة بشكل سري أو من تحت الطاولة، أو أنها كانت تحاول القيام بعملية سرية، لافتا إلى أن وزارتي الدفاع في البلدين هما المعنيتان بالأمر وتجريان الآن التدقيق القانوي بشأن ذلك.
وبين أن رغبة قطر هي أن يكون هناك تبادل واضح مع الولايات الأمريكية لتسريع استلام الطائرة، منوها في هذا السياق إلى أن دولا كثيرة قدمت هدايا للولايات المتحدة الأمريكية من قبل، موضحا "أنا هنا لا أقارن الطائرة بتمثال الحرية ولا أعرف إن كان قد بدا ذلك غريبا للولايات المتحدة وأن الهدية جاءت من دولة عربية صغيرة"، معربا عن اعتقاده بأن الناس في الولايات المتحدة الأمريكية وحتى السياسيين منهم يعتبرون دولة قطر شريكا موثوقا به وصديقا عند الحاجة، "مستشهدا في ذلك بالحرب على الإرهاب وتحرير الرهائن حول العالم".
ونوه معاليه في سياق حديثه إلى أن تقديم هذه الهدية ليس لأجل التأثير والنفوذ، لكن هذا من واجب قطر كشريك وحليف للولايات المتحدة الأمريكية، والتي لديها بالمثل واجب تجاه قطر.
وفي إجابة على سؤال يتعلق بتوسيع إسرائيل حربها على قطاع غزة، نبه معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية إلى أنه لسوء الحظ فإن الوضع يتكشف بهذه الطريقة، وهو ما يثير القلق لدى الجميع لا سيما في قطر.
رئيس الوزراء: نحاول منذ البداية أن نتوسط من أجل الوصول لاتفاق يخفف من معاناة الشعب الفلسطيني في غزة
وتابع في نفس السياق "نحن نحاول منذ البداية أن نتوسط من أجل الوصول لاتفاق يخفف من معاناة الشعب الفلسطيني في غزة ويحرر الرهائن ليعودوا إلى عائلاتهم.. نحاول منذ البداية رسم مسار يخلق بيئة أمنية سلمية للجميع، وهذا بالتأكيد هو ما نهدف إليه، وأعتقد أن السنة ونصف السنة الماضية بينت أن الطريق الوحيد للأمام هو بالمفاوضات، وأنه لسوء الحظ غالبا ما يتم تخريب المفاوضات بالألاعيب السياسية ذات الرؤية الضيقة ويتم التأجيل، مشيرا في هذا السياق إلى الاتفاق الأول الذي حرر أكثر من مئة رهينة إسرائيلية في نوفمبر 2023 وانهار بعد أسبوع.
وذكر أن الاتفاق الثاني الذي تم بالاستناد إلى إطار تم التوصل إليه في ديسمبر 2023 لم يتم إنجازه حتى يناير 2025، ولذلك ينبغي أن يشمل الاتفاق مراحل متعددة "وأنه يتعين علينا بذل ما في وسعنا لتفادي العودة للحرب والتأكد من أنه سيتم الإفراج عن كل الرهائن، وبأن هناك انسحابا من قطاع غزة وطريقا واضحا للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني في القطاع.
وأضاف "لقد انهار هذا الاتفاق في 2 مارس الماضي ورأينا كيف تطورت الأمور وأن هناك حصارا منذ أكثر من 60 يوما لغزة.. كما نسمع بعض التصريحات غير المسؤولة حول الوضع الإنساني هناك، وحول توزيع المساعدات والأغذية، وهي أمور غير مسبوقة في عالم اليوم، ويجب ألا تكون مقبولة للأسرة الدولية، مضيفا "رأينا للأسف الحكومة الإسرائيلية تواصل أعمالها هذه مع إفلات من العقاب".
وشدد معاليه على أن قطر بالرغم من كل شيء وبالرغم من محاولات تخريب جهودها ومحاولات الابتزاز ستواصل هذه الجهود مع جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأمريكية لتحقيق الاستقرار وإحلال السلام في غزة والإفراج عن الرهائن ليعودوا إلى أسرهم بما يضمن السلام والأمن للطرفين.
وحول سؤال آخر بشأن المفاوضات لوقف الحرب، كشف معاليه أن جولة المفاوضات بالدوحة خلال الأسابيع الماضية لم تؤد، لسوء الحظ، لأي تقدم لأن هناك هوة أساسية بين الجانبين حيث يريد طرف اتفاقا جزئيا، بينما يسعى الطرف الثاني لاتفاق واحد ينهي الحرب ويؤدي إلى الإفراج عن الرهائن.
ومضى معاليه إلى القول "لذلك لم نتمكن من ردم هذه الهوة من خلال المقترحات التي قدمناها بناء على خبراتنا السابقة في الاتفاق الأول الذي انهار ونحن الآن عالقون في هذا الوضع"، مشددا على أن الحل يتم فقط عبر المسار الدبلوماسي وأنه بخلاف ذلك ستكون هناك تكلفة إضافية من الجانب الفلسطيني ومن جانب الرهائن أيضا.
كما نبه معاليه إلى الحساسية العالية لهذا الموضوع على مستوى المنطقة لا سيما مع استمرار الحملة الإسرائيلية ليس فقط في قطاع غزة، وإنما في الضفة الغربية وفي سوريا ولبنان أيضا، مؤكدا أنه أمر لا يحتمل وأنه مع ذلك فإن الجميع دولا وحكومات يطالبون بالسلام ويدعون لتسوية سلمية تضع حدا لهذا السلوك الإسرائيلي الذي يزيد من غضب الشعوب.
وأضاف أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد تحدث في خطابه بالعاصمة السعودية الرياض عن شرق أوسط جديد ودور دول الخليج الأساسي بهذا الخصوص.
وحول ما إذا كان الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يشكل تهديدا للأمن الإقليمي، نبه معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية خلال الحوار إلى أن هذا الصراع يعتبر جوهريا بالنسبة لاستقرار المنطقة، متمنيا أن تتاح فرصة لإنهائه في أقرب وقت.. وقال إن ذلك يتطلب قيادة قوية من الجانب الفلسطيني والجانب الإسرائيلي والتوصل لاتفاق تسوية بين كافة الأطراف يتيح ظروفا تسمح بالتعايش بين الشعوب في هذه المنطقة التي عانت على مدى قرون مضت، مع أن لديها نسيجا اجتماعيا جميلا مع اختلاف الديانات والثقافات غير أن الحروب القديمة والحروب بالوكالة والصراعات المتتالية قد استنزفتها.
وردا على سؤال يتعلق بالحوار الأمريكي الإيراني، أشار معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية إلى وجود زخم إيجابي، وقال إن "حوارنا مع الرئيس ترامب أثناء وجوده بالمنطقة كان جيدا فنحن نراه رئيسا يحاول التواصل مع الجميع وتفادي أي حروب وهذا يشجعنا جدا، كما أن هذه العزيمة بحد ذاتها تعكس القيادة والرغبة السياسية".
وتابع معاليه قائلا "من جهة أخرى شعرنا بذات الإيجابية في إيران.. ونحاول أن ندعم جهود سلطنة عمان بهذا الخصوص، وقد اقترحت بعد زيارة الرئيس ترامب عقد اجتماعي ثلاثي مع نظرائنا في إيران وسلطنة عمان لمناقشة أفكار من شأنها أن تردم الهوة بين الطرفين ونأمل أن تنجح هذه الأفكار".. وقال إن آخر ما نريده في المنطقة هو سباق تسلح نووي أو جولة تصعيد جديدة قرب دولنا.