أطلقت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، سلسلة من ورش العمل التدريبية حول تعزيز معاملة نزلاء المؤسسات العقابية والإصلاحية، بالشراكة مع وزارة الداخلية، والمنظمة الدولية للإصلاح الجنائي.
وذكرت اللجنة، في بيان اليوم الاثنين، أن سلسلة ورش العمل التدريبية تأتي ضمن الجهود المستمرة في الدولة لتعزيز حقوق الإنسان، وتحقيق بيئة أكثر عدالة وإنسانية داخل المؤسسات العقابية والإصلاحية، وذلك من خلال التركيز على التدريب العملي وبناء القدرات، وتحقيق تأثير إيجابي مستدام، ليس على النزلاء فحسب، بل على كافة أطياف المجتمع، ما يعكس التزام دولة قطر الراسخ بالمعايير الدولية وسيادة حكم القانون.
إصلاح حضاري
وفي هذا الإطار، قال اللواء ناصر محمد السيد، مدير إدارة المؤسسات العقابية والإصلاحية بوزارة الداخلية: "إن المؤسسات العقابية أصبحت في عصرنا الحالي مؤشرا حضاريا لمدى التزام الدول بحقوق الإنسان"، مشيرا إلى أن المؤسسات العقابية لم تعد مجرد أماكن لتنفيذ العقوبة فقط، بل تحولت لمنصات لإعادة التأهيل وإدماج النزلاء في المجتمع كعناصر فاعلة ومواطنين صالحين، باستخدام مختلف الوسائل والمؤثرات التربوية والتعليمية والمهنية.
وأضاف اللواء السيد، في كلمته خلال افتتاح سلسلة الورش التدريبية:" أن هذا اللقاء يعكس مدى حرص الجميع على الارتقاء بالمؤسسات العقابية الإصلاحية لتكون نموذجـا حضاريا وإنسانيا يليق بمكانة دولة قطر".
وأكد حرص وزارة الداخلية، ممثلة في إدارة المؤسسات العقابية والإصلاحية، على الانطلاق من رؤية تطويرية متكاملة تسعى إلى تحويل بيئة الاحتجاز لبيئة إنسانية تحفظ كرامة النزيل وتحترم حقوقه الأساسية، بجانب بناء كوادر مؤهلة تتعامل مع النزلاء بمهنية وعدالة وإنسانية بما لا يخل بالنظام العام للمؤسسة، فضلا عن تعزيز منظومة البرامج الإصلاحية والتعليمية والنفسية، كوسائل للتمكين وبناء الذات للنزلاء.
حق الإنسان
وقال مدير إدارة المؤسسات العقابية والإصلاحية بوزارة الداخلية:" إننا نؤمن إيمانا راسخا بأن كرامة الإنسان لا تسقط بالعقوبة، وأن واجبنا يحتم علينا أن نمنح كل نزيل فرصة حقيقية للعودة إلى المجتمع بروح جديدة ونفس مطمئنة ومهارات تمكنه من العيش حياة كريمة في المجتمع".
من ناحيته، قال سعادة السيد سلطان بن حسن الجمالي الأمين العام للجنة الوطنية لحقوق الإنسان:" إن هذه الورش التدريبية تجسد الالتزام الجاد للجنة الوطنية لحقوق الإنسان بالعمل مع جميع الشركاء الوطنيين من أجل تعزيز حقوق الإنسان، والتأكيد على احترام الكرامة المتأصلة في جميع البشر، بما ينسجم مع مقتضيات الدستور الدائم للدولة، ومع رؤية قطر الوطنية 2030، وبما يتسق مع التشريعات والسياسات العامة التي اتخذتها الدولة بهدف إعمال التزاماتها في مجال حقوق الإنسان".
وأشار الجمالي إلى أن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان تتابع عن كثب التدابير ذات الصلة بتعزيز حقوق الإنسان في المؤسسات العقابية، وترصد مختلف التفاعلات المتعلقة بمعاملة نزلائها.
وأكد حرص اللجنة على التقدم بمرئياتها، في إطار المراجعات الدورية للقوانين ومشاريع القوانين، لضمان ملاءمة التشريعات مع المعاهدات الدولية التي صادقت عليها الدولة، لافتا إلى أن اللجنة تجري زيارات دورية للمؤسسات العقابية والإصلاحية للاطلاع على بيئتها، والوقوف على أوضاع النزلاء فيها.
ونوه بأهمية التجربة التي رسختها دولة قطر في مجال حماية حقوق نزلاء المؤسسات العقابية والإصلاحية، تأسيسا على مختلف التدابير والأدوار التي تباشرها المؤسسات المعنية، وعلى رأسها إدارتا حقوق الإنسان والمؤسسات العقابية والاصلاحية بوزارة الداخلية.
تعاون مؤسسي
من جهته، أكد العميد سعد سالم الدوسري، مساعد مدير إدارة حقوق الإنسان بوزارة الداخلية، أهمية الشراكة البناءة بين اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان وإدارة حقوق الإنسان بوزارة الداخلية، بموجب مذكرة التفاهم المبرمة بين الجانبين، لافتا إلى أهمية استفادة وزارة الداخلية من الشراكات التي عقدتها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان مع الفاعلين الإقليميين والدوليين ذوي الصلة، بما يسهم في تعزيز التعاون المشترك وتبادل الخبرات وبناء قدرات منتسبي الوزارة.
وأشار الدوسري إلى سعي وزارة الداخلية إلى تأهيل كوادرها وتعزيز قدراتهم في فهم الأبعاد القانونية والإنسانية لمهامهم، بما يضمن أداء مهنيا يراعي حقوق الإنسان، ويستند إلى القوانين والتشريعات الوطنية، وعلى نحو يتسق مع المعايير الدولية ذات الصلة.
وأكد أهمية الورشة التدريبية وما تتضمنه برامجها من محاور علمية وتثقيفية، تسهم في رفع الوعي بحقوق الإنسان لدى العاملين في المؤسسات العقابية والإصلاحية، في إطار تعزيز معاملة النزلاء وفق المعايير الدولية والتشريعات الوطنية.
بدوره، قال السيد محمد شبانة مدير المشاريع بالمنظمة الدولية للإصلاح الجنائي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا:" إن طبيعة المشاركين في هذه الورشة التدريبية من ممثلي أجهزة إنفاذ القانون وممثلي المؤسسات الوطنية والرسمية، تعزز ضرورة العمل التشاركي التكاملي في إرساء قيم العدالة وسيادة القانون ونقل المعايير الدولية والتشريعات التي تنظم العمل الإصلاحي من السطور إلى برنامج عمل، ووضعها موضع الممارسة والتنفيذ".
وأضاف "أن هذه الورشة، التي ستتبعها سلسلة من ورش العمل التدريبية الأخرى، تعكس حرص وزارة الداخلية على رفع قدرات منسوبيها والمحافظة على المستوى العالي والمتميز لأدائها، لأنهم العين الساهرة على حماية المواطنين".
وتابع قوله:" إن سلسلة ورش العمل التدريبية ستركز على مجموعة من المحاور التي لا بد للعاملين في مؤسسات الإصلاح والتأهيل من معرفتها، وتنفيذ برامج الإصلاح وفقها، وهي عبارة عن التطورات الحديثة على معايير معاملة النزلاء، وأسس معاملتهم، والدعم النفسي والاجتماعي لهم، والفهم العميق لسيكولوجيا النزلاء وإدارتهم".