شاركت سعادة الدكتورة مريم بنت علي بن ناصر المسند وزير الدولة للتعاون الدولي، في الاجتماع السنوي الثاني لمبادرة الدوحة بشأن السياسة الصحية في الجنوب العالمي 2025، الذي عقد في الدوحة.
وأوضحت سعادتها، في كلمة، أن هذا الاجتماع ليس فقط لمراجعة ما تحقق، بل لمواصلة مسيرة إنسانية بدأت برؤية تؤمن أن الصحة ليست امتيازا، بل حق لكل إنسان أينما كان، لافتة إلى أن هذه المبادرة تحمل أهمية خاصة لدولة قطر، لأنها تجسد رؤيتها للتعاون والابتكار والمسؤولية الجماعية في تعزيز الصحة العالمية.
دعم قطري
وذكرت سعادتها أن دولة قطر دعمت إطلاق هذه المبادرة، انطلاقا من إيمانها الراسخ بأن بلدان الجنوب العالمي لا يجب أن تبقى متلقية للسياسات، بل شريكة في صياغتها، فاعلة في ابتكار حلولها، وصاحبة صوت مسموع في الحوار العالمي حول مستقبل الصحة.
وبينت سعادتها أن التفاوت في فرص الحصول على الرعاية الصحية لا يزال من أبرز التحديات في عالمنا اليوم، خاصة بالنسبة للنساء والفتيات والفئات الأكثر هشاشة، مشيرة إلى أنه في كثير من البلدان، لا تزال العيادات بعيدة، والأدوية نادرة، والمرافق محدودة، والعاملون الصحيون يواجهون أعباء تفوق طاقتهم، وفي الغالب توجه الجهود نحو العلاج بعد وقوع المرض، بدلا من الوقاية والكشف المبكر.
وأوضحت سعادة وزير الدولة للتعاون الدولي، أن بناء أنظمة صحية فعالة يبدأ من الوقاية، والتعليم، والبيئة، ومن الإنسان نفسه، لافتة إلى أن الصحة ليست مجرد خدمة تقدم، بل كرامة تصان، وهي حق أساسي من حقوق الإنسان، وركيزة لا غنى عنها لتحقيق التنمية المستدامة.
وأضافت "نحن في قطر نؤمن بأن أي أزمة صحية محلية لا تبقى محلية، بل تمتد آثارها إلى الجميع. لذلك، فإن إعطاء الأولوية للصحة ومعالجة العوامل الاجتماعية والبيئية التي تؤثر فيها، هو السبيل لبناء مجتمعات أكثر مرونة وازدهارا وعدلا".
تحديات وتوصيات
وقالت سعادة وزير الدولة للتعاون الدولي، إن الاجتماع الأول للمبادرة، طرح بصراحة التحديات التي تواجه تنفيذ السياسات الصحية، من ضعف القدرات المؤسسية ونقص الكوادر، إلى محدودية التمويل والبنية التحتية في المناطق الريفية والنائية، مشيرة إلى أن توصيات تقرير 2024 أكدت أهمية الاستثمار المستدام في بناء القدرات، وتعزيز التنسيق، وتطوير البيانات الموثوقة لصنع قرارات قائمة على الأدلة.
وأضافت "لقد استرشدت قطر بهذه التوصيات خلال العام الماضي، سواء في سياساتها الوطنية أو في جهودها الدولية، لتبرهن أن الرؤية المدروسة قادرة على التحول إلى أثر ملموس عندما تتكامل الإرادة بالعمل".
وتطرقت سعادتها إلى الاستراتيجية الوطنية للصحة 2024 - 2030 التي دشنها معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، لتكون خريطة طريق طموحة نحو نظام صحي متكامل يضع الإنسان في قلب أولوياته، مشيرة إلى أن الاستراتيجية تركز على الوقاية قبل العلاج، وتكامل الخدمات بين القطاعين العام والخاص، ووصول عادل وشامل لكل فئات المجتمع، من الأطفال وكبار السن إلى الأشخاص ذوي الإعاقة.
وتابعت سعادتها "الابتكار والبحث والتطوير يشكلان محور هذه الاستراتيجية، لأنها لا تكتفي بتقديم الخدمات، بل تسعى إلى بناء كوادر وطنية مؤهلة قادرة على قيادة مستقبل الصحة في قطر".
مساعدات إنسانية
وقالت سعادتها إن قطر كانت ولا تزال، في طليعة الدول التي تعتبر الصحة أساسا للسلام والأمن الإنساني، موضحة أنه خلال العقد الماضي، قدم صندوق قطر للتنمية أكثر من مليار دولار أمريكي كمساعدات في مجال الرعاية الصحية، استفادت منها أكثر من خمسين دولة حول العالم.
وأضافت أن قطر استثمرت ما يزيد على 690 مليون دولار في بناء وتطوير المستشفيات والمراكز الصحية، وتزويدها بسيارات إسعاف ومعدات طبية في أكثر من عشر دول نامية، وفي عام 2024، أطلق صندوق قطر للتنمية ومنظمة الصحة العالمية مبادرة مشتركة بقيمة أربعة ملايين دولار لتعزيز أنظمة الرعاية الصحية الأولية وقدرات الاستجابة للطوارئ في الدول النامية.
وتابعت سعادتها: "وفي أفغانستان، امتدت يد قطر لدعم خدمات صحة الأم والطفل في أكثر المناطق حرمانا، وفي باكستان، مولت عيادات متنقلة قدمت خدماتها لأكثر من خمسمائة وثلاثين ألف شخص من المتضررين بالفيضانات، وفي اليمن، تعاونت مع منظمة اليونيسف لتحسين خدمات المياه والصرف الصحي، وفي الأردن، ساهمت في تشغيل عيادة مخيم الزعتري للاجئين التي توفر الرعاية الصحية لأكثر من واحد وثلاثين ألف نازح".
وأشارت سعادتها إلى دعم صندوق قطر للتنمية لمنظمة اليونيسف بمساهمة قدرها ثمانية ملايين دولار، وذلك على هامش منتدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة لعام 2025، لضمان وصول الأطفال حول العالم إلى خدمات الصحة والمياه والصرف الصحي والنظافة.
وأكدت سعادتها أن هذه الجهود مجتمعة لا تعبر عن دعم مالي فحسب، بل عن رؤية إنسانية تؤمن بأن بناء نظام صحي متين هو استثمار في كرامة الإنسان نفسه، وعن إيمان قطري راسخ بأن العدالة الصحية هي حجر الأساس في تحقيق السلام والتنمية المستدامة.
ونوهت سعادتها إلى أن التحديات الصحية المتجددة لا يمكن لأي دولة أن تواجهها وحدها، موضحة أنها تتطلب تعاونا صادقا، وتنسيقا مستمرا، ومساءلة مشتركة تجعلنا جميعا مسؤولين عن مستقبل الصحة في عالمنا.
وأكدت سعادة وزير الدولة للتعاون الدولي، في ختام الكلمة، مواصلة دولة قطر دعم المبادرات التي تجمع الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني والخبراء، لتوحيد الجهود نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030.